للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غايتها؛ فوسيلة المقصود تابعة للمقصود، وكلاهما مقصود" (١). ومما يدل على النهي عن التذرع للوصول إلى المحرم ما جاء عند أبي داود والترمذي عن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ» (٢). وسر ذلك أن الجمع بينهما ذريعة إلى الربا (٣)؛ قال القرافي: "وبإجماع الأمة على جواز البيع والسلف مفترقين، وتحريمهما مجتمعين لذريعة الربا" (٤). ومن الأدلة على النهي عن التذرع للوصول إلى المحرم قاعدة سد الذرائع التي اتفق الفقهاء على اعتبارها (٥).

والقول بجواز الذريعة مع القول بتحريم ما تؤول إليه جمع بين النقيضين، قال ابن القيم: "الطريق متى أفضت إلى الحرام فإن الشريعة لا تأتي بإباحتها أصلًا؛ لأن إباحتها وتحريم الغاية جمع بين النقيضين، فلا يتصور أن يباح ويحرم ما يفضي إليه، بل لابد من تحريمها أو إباحتها، والثاني باطل قطعًا فتعين الأول" (٦).

الفرع الرابع: عدم منافاتها الحكمة التي حرمت لأجلها بعض العقود

بنيت الشريعة لحكمة ومقصد، ولتحقق مصالح العباد؛ فهي إما تدرأ مفسدة، أو تجلب مصلحة (٧)، فـ"الشارع قد قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية" (٨)؛


(١) المرجع السابق ٣/ ١٠٨.
(٢) سبق تخريجه ص ١٥٨.
(٣) انظر: تهذيب السنن، لابن القيم بحاشية عون المعبود، للأبادي ٩/ ٢٩٥ - ٢٩٦.
(٤) الفروق، للقرافي ٣/ ٢٦٦.
(٥) انظر: الفروق، للقرافي ٢/ ٣٣، الموافقات، للشاطبي ٥/ ١٨٥.
(٦) تهذيب السنن، لابن القيم بحاشية عون المعبود، للأبادي ٩/ ٢٤٣.
(٧) انظر: قواعد الأحكام، للعز بن عبدالسلام ١/ ١١.
(٨) الموافقات، للشاطبي ٢/ ٦٢.

<<  <   >  >>