للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك البغضاء شيء نفسي خفي لا يمكن ضبطه (١)؛ فالخفاء من أسباب عدم انضباط الحكمة (٢) فهو كالرضا في العقود، لم يعلق الشرع الحكم عليه لعدم انضباطه (٣)، فقد يغضب الإنسان ويخاصم غيره والمعاملة مباحة، وقد يتفق مع غيره على معاملة ممنوعة، وهو راض غير غضبان، ومع ذلك رضاه وغضبه لا يغير الأحكام؛ فالتعليل بالحكمة في المعاملات غير منضبط وغير مطرد، والتعليل لابد أن يطرد، ومن القواعد المقررة"الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا" (٤).

الأمر الثاني: إن التعليل بالحكمة أحد أسباب فتح أبواب الربا (٥)، فقد اختار الدكتور عبدالمنعم النمر جواز التعليل بالحكمة، وأن الحكمة من تحريم الربا ظلم المدين واستغلاله (٦)، وبناءً على هذا الاختيار يقول: "فأنا ومن أيدني لا يرون ربح الشهادات مما ينطبق عليه مفهوم الربا؛ إذ ليس فيه استغلال الدائن لحاجة محتاج أو مضطر" (٧)، وقال غيره: "إن حكمة تحريم الربا هي حماية الضعيف من القوي، غير أنه يوجد اليوم من القروض ما يكون المقترض هو القوي، والمقرض هو الضعيف، من ذلك القرض


(١) انظر: مشاهد من المقاصد، لابن بيه، ص ١٦٦، مقاصد الأحكام المالية عند ابن القيم، لمحمد اليحيى، ص ١٣٨.
(٢) انظر: مقاصد الأحكام المالية عند ابن القيم، لمحمد اليحيى، ص ١٤٥.
(٣) انظر: الفروق، للقرافي ٢/ ١٦٦
(٤) انظر: أصول السرخسي ٢/ ١٧٨، روضة الناظر، لابن قدامة ١/ ١٨٠.
(٥) انظر: الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة، للسعيدي ١/ ٢٦٤، المعاملات المالية، للدبيان ١٣/ ٣٠٧، فوائد البنوك هي الربا الحرام، للقرضاوي، ص ١٣٤.
(٦) انظر: الاجتهاد، لعبدالمنعم النمر، ص ٢٩٢ - ٢٩٣.
(٧) المرجع السابق، ص ٢٨٢.

<<  <   >  >>