للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: أن الناس تعاملوا ببيع الوفاء، والقواعد تترك بالتعامل (١)، وجرى التعامل به في غالب بلاد المسلمين، وحكمت بمقتضاه الحكام، وأقره من يقول به من العلماء (٢).

يناقش: بأنه لا يسلم بأن القواعد تترك لأجل التعامل، وتعامل الناس لا يبيح المحظور، وقد أنكر جمهور العلماء بيع الوفاء على مر العصور، ولم يبيحوه لجريان العادة به، بل ردوه لمخالفته للشرع؛ فالعادة محكمة ما لم تخالف الشرع (٣)، وبيع الوفاء مخالف للشرع.

الدليل الرابع: أن بيع الوفاء جائز قياسًا على البيع بشرط الخيار المؤبد الذي أجازه الحنابلة (٤).

يناقش من وجهين: الوجه الأول: أن البيع بشرط الخيار المؤبد مختلف فيه، ومن شروط القياس أن يكون الأصل متفقًا عليه (٥).

الوجه الثاني: أن شرط الخيار المؤبد لا يصح على الصحيح من المذهب الحنبلي (٦)، وكذلك لا يصح عند المذاهب الفقهية الأخرى (٧)، بل نقل الإجماع على منعه (٨)؛ لأنها مدة


(١) انظر: تبيين الحقائق، للزيلعي ٥/ ١٨٤.
(٢) انظر: بغية المسترشدين، للحضرمي، ص ١٣٣.
(٣) انظر: شرح القواعد الفقهية، للزرقا، ص ٢١٩، القواعد الكلية، لشبير، ص ٢٤٥.
(٤) انظر: استحداث العقود في الفقه الإسلامي، لقنديل السعدني، ص ٥٧٧.
(٥) انظر: روضة الناظر، لابن قدامة ٢/ ٢٤٩، الإحكام، للآمدي ٣/ ١٩٧.
(٦) انظر: المغني، لابن قدامة ٣/ ٥٠٢، الإنصاف، للمرداوي ٤/ ٣٧٣.
(٧) انظر: بدائع الصنائع، للكاساني ٥/ ١٧٤، مختصر خليل، ص ١٥٢، المجموع، للنووي ٩/ ٢٢٥.
(٨) انظر: بدائع الصنئع، للكاساني ٥/ ١٧٨، البناية شرح الهداية، للعيني ٨/ ٥٠، البحر الرائق، لابن نجيم ٦/ ٦.

<<  <   >  >>