للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملحقة بالعقد، فلا تجوز مع الجهالة؛ كالأجل؛ ولأن اشتراط الخيار أبدًا يقتضي المنع من التصرف على الأبد، وذلك ينافي مقتضى العقد، فلم يصح (١).

الترجيح: بعد عرض القولين، وأدلتهما، ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، تبين لي-والله أعلم- أن القول الراجح هو القول الأول القائل إن بيع الوفاء محرم؛ لقوة أدلته مقابل ضعف أدلة القول الثاني أمام ما ورد عليها من المناقشة؛ ولأن حقيقة بيع الوفاء قرض جر نفعًا، والبيع صوري لا حقيقة له؛ ومما يدل على ذلك أن الباعث لهذه المعاملة ليس البيع، إنما هو حاجة الناس للقرض، ورفض أصحاب الأموال القرض إلا بمنفعة، فتعاملوا ببيع الوفاء ليحتالوا على نفع الدائن من طريق لا يعد ربًا في نظرهم (٢)، "وهيهات لهم ذلك؛ لأن الحرام حرام من أي طريق وصلوا إليه" (٣)، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن بيع الوفاء: "إن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعًا) فهو تحايل على الربا، وبعدم صحته قال جمهور العلماء" (٤).

الفرع الثاني: أثر الهندسة المالية في بيع الوفاء

على القول الذي يجيز بيع الوفاء فإن الهندسة المالية الإسلامية أنتجت بيع الوفاء مخرجًا شرعيًا يحقق منفعة متبادلة للمتعاقدين، فالبائع يحصل على القرض، والمشتري يحصل على الانتفاع بالسلعة، مع ضمان رد القرض (٥)، أما على القول الراجح الذي يحرم بيع الوفاء


(١) انظر: المغني، لابن قدامة ٣/ ٥٠٢.
(٢) انظر: حاشية ابن عابدين ٤/ ٥٢٣، أحكام المعاملات المالية، لعلي الخفيف، ص ٤٣٢، نظرية الضرورة الشرعية، لوهبة الزحيلي، ص ٢٦٦.
(٣) أحكام المعاملات المالية، لعلي الخفيف، ص ٤٣٢.
(٤) انظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي، العدد السابع، رقم ٤/ ٦٨.
(٥) انظر: عقد البيع، لمصطفى الزرقا، ص ١٥٦.

<<  <   >  >>