للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح: بعد عرض القولين، وأدلتهما، ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة منها، تبين لي-والله أعلم- أن الراجح في بيع الاستجرار أنه لا يجوز إذا كان ثمن السلعة في السوق غير ثابت ويتفاوت تفاوتًا كبيرًا؛ للغرر المؤدي إلى النزاع والخصومة، أما إذا كان ثمن السلعة في السوق يتفاوت تفاوتًا يسيرًا؛ كالفاكهة، وسلع البقال، واللحم فإنه جائز؛ لأن هذا الغرر مما يتسامح فيه، والجهالة التي فيه لا تفضي إلى النزاع، كذلك إذا كان ثمن السلعة موحدًا في السوق، ومنضبطًا بمعيار معلوم يعرفه كل أحد، فلا يحتاج لذكر الثمن وقت البيع؛ لعلم الجميع به (١).

الفرع الثاني: أثر الهندسة المالية في بيع الاستجرار

على القول الذي يجيز بيع الاستجرار مطلقًا، أو على القول الراجح الذي يجيز بيع الاستجرار إذا كان ثمن السلعة في السوق يتفاوت تفاوتًا يسيرًا، أو كان الثمن موحدًا في السوق، فإن الهندسة المالية الإسلامية انتجت بيع الاستجرار لينتفع المشتري في تأخير السداد، وينتفع البائع في كثرة العملاء، أما على القول الذي يحرم بيع الاستجرار مطلقًا، أو على القول الراجح الذي يحرم بيع الاستجرار إذا كان ثمن السلعة في السوق يتفاوت تفاوتًا كبيرًا، فإن الهندسة المالية في بيع الاستجرار لا تعد إسلامية، وهي سبب لتحريمه؛ لوجود الغرر المفضي إلى النزاع والخصومة.


(١) انظر: بحوث في قضايا فقهية معاصرة، لمحمد تقي العثماني، ص ٦٤، ٦٨.

<<  <   >  >>