للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة من الأثر: بأن هذا التغليظ من عائشة رضي الله عنها على هذا البيع يدل على تحريمه، "والظاهر أنها لا تقول مثل هذا التغليظ وتقدم عليه، إلا بتوقيف سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجرى مجرى روايتها ذلك عنه" (١).

نوقش: بأن هذا الأثر لا يحتج به من حيث السند (٢)، "ومنكر اللفظ لا أصل له؛ لأن الأعمال الصالحة لا يحبطها الاجتهاد، وإنما يحبطها الارتداد، ومحال أن تلزم عائشة زيدًا التوبة برأيها ويكفره اجتهادها فهذا ما لا ينبغي أن يظن بها ولا يقبل عليها" (٣).

الدليل الثالث: أن العينة حيلة للتوصل للربا (٤)، "لأنها يتوصل بها إلى دفع قليل في كثير، وإن لم يصرح المتعاقدان بذلك" (٥)، قال النووي: "واحتج بهذا الحديث أصحابنا وموافقوهم في أن مسألة العينة ليست بحرام، وهي الحيلة التي يعملها بعض الناس توصلًا إلى مقصود الربا، بأن يريد أن يعطيه مائة درهم بمائتين فيبيعه ثوبا بمائتين ثم يشتريه منه بمائة" (٦)، فالنووي يصرح أن العينة حيلة للوصول للربا، والمجيزون للعينة لا يرون تحريم الحيل، والعبرة عندهم بظاهر العقود دون مقاصدها (٧)، وقد سبق ذكر الخلاف في الحيل، وبيان رجحان تحريمها (٨).


(١) المغني، لابن قدامة ٤/ ١٣٢.
(٢) انظر تخريج الأثر.
(٣) الاستذكار، لابن عبدالبر ٦/ ٢٧٢.
(٤) انظر: العناية شرح الهداية، للبابرتي ٧/ ١٤٨، الكافي في فقه أهل المدينة، لابن عبدالبر ٢/ ٦٧٢.
(٥) الفواكه الدواني، للنفراوي ٢/ ١٠٢.
(٦) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، للنووي ١١/ ٢١.
(٧) اانظر: فتح الباري، لابن حجر ١٢/ ٣٣٧.
(٨) انظر ص ١٠٣ من هذا البحث.

<<  <   >  >>