للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: أن العينة محرمة حتى لو لم يقصد البائع بها التحايل على الربا؛ سدًا للذريعة، قال ابن تيمية: " الذرائع حرمها الشارع، وإن لم يقصد بها المحرم، خشية إفضائها إلى المحرم، فإذا قصد بالشيء نفس المحرم كان أولى بالتحريم من الذرائع، وبهذا التحرير يظهر علّة التحريم في مسائل العينة وأمثالها، وإن لم يقصد البائع الربا؛ لأن هذه المعاملة يغلب فيها قصد الربا، فيصير ذريعة، فيسد هذا الباب لئلا يتخذه الناس ذريعة إلى الربا" (١).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٢).

وجه الدلالة من الآية: أن الله أحل كل بيع إلا ما دل الدليل على تحريمه، والعينة من البيع الحلال؛ لعدم ثبوت الدليل بحرمتها (٣).

نوقش: بأن الدليل دل على تحريم العينة؛ وهذه الآية من ضمن الأدلة التي تحرم العينة؛ لأن الله حرم الربا، والعينة ربًا وليست بيعًا، وإن سماها مستحلها بيعًا؛ فإن الله لم يحرم الربا لمجرد صورته ولفظه، وإنما حرم لحقيقته ومقصوده، وتلك الحقيقة قائمة فى العينة، والمتعاقدان يعلمان ذلك من أنفسهما، ويعلمه من شاهد حالهما، فتواطؤهما على الربا، ثم إظهاره بيعًا، يتوسلان به إلى أن يعطيه مائة حالّة بمائة وعشرين مؤجلة، فهذا ليس من البيع المأذون فيه، بل من الربا المنهي عنه (٤).


(١) الفتاوى الكبرى، لابن تيمية ٦/ ١٧٣.
(٢) سورة البقرة، الآية ٢٧٥.
(٣) انظر: تهذيب الفروق، لمحمد بن علي بحاشية الفروق للقرافي ٣/ ٢٧٦.
(٤) انظر: إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، لابن القيم ١/ ٣٥٢، ٢/ ١٠٥.

<<  <   >  >>