للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قاله أبو عبيد (١): "أن يدفع الرجل إلى الرجل الثوب فيقومه بثلاثين ثم يقول: بعه بها فما زدت عليها فلك، فإن باعه بأكثر من ثلاثين بالنقد فهو جائز، ويأخذ ما زاد على الثلاثين، وإن باعه بالنسيئة بأكثر مما يبيعه بالنقد فالبيع مردود لا يجوز" (٢)، ويؤيد هذا المعنى للأثر الرواية الأخرى له عن ابن عباس -رضي الله عنه-: "أنه كان لا يرى بأسًا أن يدفع الرجل إلى الرجل الثوب فيقول: بعه بكذا وكذا فما زدت فهو لك" (٣). وقد أورد عبدالرزاق الأثر في مصنفه تحت باب "الرجل يقول: بع هذا بكذا، فما زاد فلك، وكيف إن باعه بدين؟ " (٤)، وهذا المعنى لا يصدق على التورق.

الدليل الرابع: أن المعنى الذي لأجله حرم الربا موجود في التورق؛ فإن الله حرم أخذ دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل؛ لما في ذلك من ضرر المحتاج وأكل ماله بالباطل، وهذا المعنى موجود في التورق، وإنما الأعمال بالنيات (٥).


(١) هو أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي، ولد سنة ١٥٧ هـ، كان إماما في اللغة والفقه والحديث والقراءات، قال إسحاق بن راهويه: "أبو عبيد أوسعنا علما، وأكثرنا أدبا، وأجمعنا جمعا"، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "كتب أبي كتاب "غريب الحديث "الذي ألفه أبو عبيد أولا"، ولي أبو عبيد قضاء طرسوس، ومن تصانيفه: "الأموال"، و"غريب الحديث"، توفي سنة ٢٢٤ هـ. انظر: تهذيب الكمال، للمزي ٢٣/ ٣٥٤. سير أعلام النبلاء، للذهبي ١٠/ ٤٩٠.
(٢) غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلام ٤/ ٢٣٢. وانظر: الفائق في غريب الحديث، للزمخشري ٣/ ٢٣٥، النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير ٤/ ١٢٥.
(٣) غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلام ٤/ ٢٣٢، ورواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الإجارة، باب لا تجوز الإجارة حتى تكون معلومة، وتكون الأجرة معلومة، برقم ١١٦٥٦.
(٤) مصنف عبدالرزاق ٨/ ٢٣٤.
(٥) انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ٤٣٤، إعلام الموقعين، لابن القيم ٣/ ١٣٥.

<<  <   >  >>