للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش: بأن هذا تعليل بالحكمة، والحكمة لا تنضبط، ولا تدور مع الحكم وجودًا وعدمًا (١)، وقصد المتورق للدراهم لا يوجب تحريم التورق؛ "لأن مقصود التجار غالبًا في المعاملات هو تحصيل نقود أكثر بنقود أقل، والسلع المبيعة هي الواسطة في ذلك، وإنما يمنع مثل هذا العقد إذا كان البيع والشراء من شخص واحد كمسألة العينة، فإن ذلك يتخذ حيلة على الربا" (٢)، وما ذكرتم من الضرر على المحتاج بزيادة الثمن عليه الذي كان من البائع الأول، وأنه أكل للمال بالباطل، موجود فيمن اشترى السلعة للتجارة، أو للقنية (٣)، ومع ذلك لا تقولون بتحريمها (٤)، وهذه الزيادة في الثمن لا ضرر فيها، ولا أكل للمال بالباطل، لأنها بمقابلة الأجل، فثمن السلعة مؤجلة يزيد على ثمنها في الحاضر، كما أنه في السلم يبيع المسلم فيه المؤجل بثمن أقل حاضرًا، والبيع الثاني الذي يتم لغير البائع يكون بسعر السلعة الحاضر، فلا ضرر، ولا ظلم فيه على المتورق.

الترجيح: بعد عرض الأقوال، وأدلتها، ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، تبين لي -والله أعلم- أن الراجح هو القول الأول القائل أن بيع التورق جائز؛ وذلك لأن الأصل في المعاملات الصحة والجواز، وللمصلحة التي يحققها التورق لجمهور الناس، وأدلة المانعين لا تقوى على المنع كما تبين في مناقشتها.


(١) انظر: التورق كما تجريه المصارف في الوقت الحاضر، للسعيدي، ص ٢٢.
(٢) مجموع فتاوى ابن باز ١٩/ ٥٠ - ٥١.
(٣) انظر: المعاملات المالية، للدبيان ١١/ ٤٧١ - ٤٧٢.
(٤) قال ابن تيمية: "المشتري الذي غرضه التجارة أو غرضه الانتفاع أو القنية فهذا يجوز شراؤه إلى أجل بالاتفاق" مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ٣٠.

<<  <   >  >>