للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما المالكية فقد قال القرطبي (١): "حد علماؤنا رحمة الله عليهم السلم فقالوا: هو بيع معلوم في الذمة محصور بالصفة بعين حاضرة، أو ما هو في حكمها، إلى أجل معلوم" (٢)، والمالكية يرون جواز تأخير رأس مال السلم إلى ثلاثة أيام (٣) بناءً على قاعدة: "أن ما قرب من الشيء فحكمه حكمه" (٤)؛ لذلك قال في التعريف: "حاضرة أو ما هو في حكمها".

وعرف الشافعية السلم بأنه: "عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلًا" (٥)، والشافعية يرون جواز السلم الحال، لذلك لم ينصوا في التعريف على كون السلم مؤجلًا، بعكس الحنابلة الذين نصوا على ذلك في تعريف السلم فعرفوه بأنه: " عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد" (٦)، فلا بد أن يكون السلم مؤجلًا خلافًا للشافعية، ورأس مال السلم في مجلس العقد خلافًا للمالكية، والحنفية يوافقون الحنابلة في اشتراط تعجيل رأس مال السلم في مجلس العقد، وتأجيل المسلم فيه (٧).

وتعريف الشافعية أجود؛ لأنه عام وخال من القيود، بعكس تعريف السلم في المذاهب الأخرى ففيه قيود تخص المذهب، ولا يدخل فيه تعريف السلم في غير المذهب.


(١) هو محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، من كبار المفسرين، واشتهر بالصلاح، والتعبد، ومن أهم تصانيفه تفسير القرآن، المسمى بـ"جامع أحكام القرآن والمبين لماتضمن من السنة وآي القرآن"، وهو من أجل التفاسير وأعظمها نفعاً، توفي سنة ٦٧١ هـ. انظر: الديباج المذهب، لابن فرحون، ص ٣١٧، شذرات الذهب، لابن العماد ٧/ ٥٨٤.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي ٣/ ٣٧٨.
(٣) انظر: المدونة، للإمام مالك ٣/ ٨٠، الكافي في فقه أهل المدينة، لابن عبدالبر ٢/ ٦٩٢.
(٤) الموافقات، للشاطبي ١/ ٤١٨. وانظر: القواعد الفقهية، لمحمد الزحيلي ٢/ ٨٩٣.
(٥) انظر: فتح العزيز، للرافعي ٩/ ٢٠٧، روضة الطالبين، للنووي ٤/ ٣.
(٦) انظر: الإنصاف، للمرداوي ٥/ ٨٤، الإقناع، للحجاوي ٢/ ١٣٣.
(٧) انظر: المبسوط، للسرخسي ١٢/ ١٢٧، الاختيار، للموصلي ٢/ ٣٦

<<  <   >  >>