للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يناقش: بأن لجواز السلم الموازي شروطًا لا بد من مراعاتها، كما أن للسلم شروطًا لابد من مراعاتها، والبيع في السلم الموازي الثاني لموصوف في الذمة غير المسلم فيه الأول، فالعقدان غير مرتبطين، والتحايل في السلم الموازي على الربا وعلى المحظور عمومًا، لا يكون سببًا لمنعه من أصله؛ لأن السلم أيضًا قد يتخذ حيلة على المحظور، ومع ذلك لم يمنعه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بل الأصل جواز السلم، والمعاملة التي يتحايل فيها على المحظور هي التي تمنع، وقصد الربح والتجارة في السلم الموازي جائز، كما أن قصد الربح والتجارة في السلم جائز، فالسلم الموازي لا يخرج عن السلم، ومن منعه فعليه أن يمنع السلم.

الدليل الثاني: أن في السلم الموازي ضررًا يصيب المستهلك من ارتفاع سعر السلعة قبل أن تصل إليه، بسبب انتقالها لأكثر من تاجر (١).

نوقش: بأن الضرر الذي يوجد في ارتفاع سعر السلعة بسبب انتقالها لأكثر من تاجر في السلم الموازي يوجد في التجارة والبيع عمومًا، فقد يرتفع سعر بعض السلع بسبب انتقالها لأكثر من تاجر، ومع ذلك لا تمنع التجارة أو البيع بسبب ذلك، وهذا الضرر يقابله مصالح أكبر للمصارف الإسلامية، وللتجار، وللمستهلكين، ويؤدي إلى نهضة اقتصادية (٢).

الترجيح: بعد عرض الأقوال، وأدلتها، ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، تبين لي -والله أعلم- أن الراجح هو القول الأول القائل أن السلم الموازي جائز إذا تحقق فيه الفصل بين العقدين؛ وذلك لقوة أدلته مقابل ضعف أدلة القول الثاني أمام ما ورد عليها من المناقشة، ولأن الأصل في المعاملات الصحة والجواز، وللمصالح الاقتصادية التي يحققها السلم الموازي فقد جاء في


(١) انظر: مداخلة الصديق الضرير في مناقشات بحوث السلم في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع، ص ٤٥٧.
(٢) انظر: المصالح المرسلة وأثرها في المعاملات، للعمار، ص ٢٩٢ - ٢٩٣.

<<  <   >  >>