للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن القول بصحة العقد بناءً على أنه بيع تقسيط بشرط عدم نقل الملكية إلا بعد سداد الأقساط لا يسلم؛ لأن هذا الشرط يناقض مقتضى العقد، فإن مقتضى العقد نقل الملكية للمشتري بمجرد العقد (١).

يجاب: بأن كل الشروط تنافي مقتضى العقد، فمقتضى العقد الإطلاق وعدم التقييد، والشرط المنافي لمقتضى العقد شرط صحيح إذا كان لأحد المتعاقدين قصد صحيح في اشتراطه، والمهم في الشرط ألا ينافي مقصود العقد، أو مقصود الشارع، وشرط عدم نقل الملكية للمشتري لا ينافي المقصود من العقد، وليس فيه مخالفة للشارع؛ فالمشتري ينتفع بالعين في هذه الفترة، لكنه لا يتصرف بها في بيع أو هبة فهو كرهن العين، وفيه قصد صحيح للبائع ليحفظ حقه، وشرط التجارة التراضي، فإذا رضي المشتري بذلك فهذا له، والأصل في الشروط الصحة إلا ما دل الدليل على منعه، ولا دليل يمنع منه (٢).

الوجه الثالث: أنه يشتمل على الغرر؛ فإنه في حالة انفساخ العقد قبل اكتمال السداد لأي ظرف فإن البائع يجمع بين العوض والمعوض (٣)، والمشتري يضيع عليه جميع ما دفعه، وهذه الأقساط دفعت على أنها أجرة للعين المؤجرة، فكيف تتحول إلى ثمن للعين المؤجرة في نهاية المدة؟، والعقد في هذه الفترة يكون مترددًا بين حصول البيع وعدمه، فالقول بجوازه على أنه عقد بيع بثمن مقسط تكتنفه في الفقه الإسلامي صعوبات كثيرة تحول دون القول بذلك (٤).


(١) انظر: الإجارة المنتهية بالتمليك، لخالد الحافي، ص ٩١.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ١٥٦، المناظرات الفقهية، للسعدي، ص ٨٦.
(٣) انظر: التأجير التمويلي، للشبيلي، منشور في مجلة الجمعية الفقهية، العدد الحادي عشر، ١٤٣٣ هـ، ص ١٥٤
(٤) انظر: الإيجار المنتهي بالتمليك، للشاذلي، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس، ص ٢١٣٤، الإجارة المنتهية بالتمليك، لخالد الحافي، ص ٩٢.

<<  <   >  >>