للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وباطلًا، ولما أقره النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه، قال ابن تيمية (١): " فإذا كان الشرط منافيًا لمقصود العقد كان العقد لغوًا، وإذا كان منافيًا لمقصود الشارع كان مخالفًا لله ورسوله" (٢)، وقال: "ولهذا اتفق العلماء على أن من شرط في عقد من العقود شرطًا يناقض حكم الله ورسوله فهو باطل" (٣)، وهذا الشرط من جابر -رضي الله عنه- يعد تعديلًا، وتطويرًا، وهندسةً ماليةً إسلاميةً لعقد البيع، وقد أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الهندسة لما تحققه من مصلحة، فقد يحتاج البائع أن يبيع سلعة ويستثني منفعتها زمنًا معينًا، كسكنى الدار شهرًا، أو ركوب الدابة مدةً معينةً، أو إلى بلدٍ بعينه، فإذا رضي المشتري، وكانت مدة الاستثناء معلومة، تحققت المصلحة دون منافاة لمقصود العقد، أو مخالفة لله ورسوله.

فهذه الأمثلة الثلاثة التي قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بتطوير العقود فيها، أو أقر على تطويرها، تعد أدلة على مشروعية الهندسة المالية الإسلامية، وهي من المستندات الشرعية للهندسة المالية الإسلامية من السنة النبوية.


(١) هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الدمشقي، ولد سنة ٦٦١ هـ، العالم المجاهد المجدد، حنبلي المذهب، وأمده الله بسرعة الحفظ، وكثرة تأليف الكتب، ومنها: "السياسة الشرعية"، و"منهاج السنة" وغيرها، وقد جمع عبدالرحمن بن قاسم في مجموع فتاوى ابن تيمية العديد من كتبه، وسجن بسبب بعض الفتاوى، وتوفي بسجن القلعة بدمشق سنة ٧٢٨ هـ. انظر: ذيل طبقات الحنابلة، للسلامي ٤/ ٤٩١، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لابن حجر العسقلاني ١/ ١٦٨.
(٢) مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ١٥٦.
(٣) نظرية العقد، لابن تيمية، ص ٢٣.

<<  <   >  >>