للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصل الاجتهاد في مسائل قضى فيها، أو أفتى بها" (١)، وكان منهجهم أنهم يتفاعلون مع القضايا التي تحتاج لاستخراج حكم فيها، سواء كانت هذه القضايا في السياسة، أو القضاء، أو العبادات، أو المعاملات، أو الأحوال الشخصية (٢)، فما كانوا يؤجلون النظر في معالجة النازلة لاستخراج حكمها، وفق ما وضعوه من معالم للاجتهاد (٣)، وفتحوا بذلك لمن بعدهم من العلماء باب الاجتهاد، يقول ابن القيم (٤): "فالصحابة -رضي الله عنهم- مثلوا الوقائع بنظائرها، وشبهوها بأمثالها، وردوا بعضها إلى بعض في أحكامها، وفتحوا للعلماء باب الاجتهاد، ونهجوا لهم طريقه، وبينوا لهم سبيله" (٥).

وفي القراءة في اجتهادات الصحابة -رضي الله عنهم- في جانب الاقتصاد، والمعاملات المالية، نجد بعض الاجتهادات التي تصلح أن تكون أمثلة للهندسة المالية الإسلامية، ومنها:

المثال الأول: عن عبدالله بن الزبير -رضي الله عنه- في قصة دين أبيه وسداده له- قال: "وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي عَلَيْهِ، أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ، فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ، فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لَا وَلَكِنَّهُ


(١) البرهان، للجويني ٢/ ١٤.
(٢) في كتاب اجتهادات الصحابة، لمحمد معاذ الخن، كثير من الأمثلة لاجتهادات الصحابة في شتى المجالات.
(٣) انظر: أصول الفقه عند الصحابة معالم في المنهج، لعبدالعزيز العويد، ص ٢١٥.
(٤) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي المعروف بابن القيم، ولد سنة ٦٩١ هـ، حنبلي المذهب، كان من كبار الفقهاء، تتلمذ على ابن تيمية وانتصر له كثيرًا، وسجن معه بدمشق، من تصانيفه: "الطرق الحكمية"، و"زاد المعاد في هدي خير العباد"، و"إعلام الموقعين"، توفي سنة ٧٥١ هـ. انظر: ذيل طبقات الحنابلة، للسلامي ٥/ ١٧١، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لابن حجر العسقلاني ٥/ ١٣٧.
(٥) إعلام الموقعين، لابن القيم ١/ ١٦٦.

<<  <   >  >>