للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأن يبقى المال في دائرة التداول، قال الدكتور النعيمي: "والذي يظهر هنا أن الزبير -رضي الله عنه- لا يريد لهذا المال أن يتعطل عن دائرة التداول فهو هنا حقق مطلبًا ماليًا معتبرًا" (١).

المثال الثاني: عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، "أَنَّهُ قَالَ لِمَرْوَانَ (٢): أَحْلَلْتَ بَيْعَ الرِّبَا، فَقَالَ مَرْوَانُ: مَا فَعَلْتُ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَحْلَلْتَ بَيْعَ الصِّكَاكِ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى»، قَالَ: فَخَطَبَ مَرْوَانُ النَّاسَ، «فَنَهَى عَنْ بَيْعِهَا»، قَالَ سُلَيْمَانُ (٣): فَنَظَرْتُ إِلَى حَرَسٍ يَأْخُذُونَهَا مِنْ أَيْدِي النَّاسِ" رواه مسلم (٤).

وجه الدلالة من الحديث: أنه في عصر الصحابة -رضي الله عنهم- تم ابتكار الصكوك، وهو منتج مالي جديد، وهو عبارة عن الرقاع، أو الأوراق التي يكتب فيها ولي الأمر برزق من الطعام للناس (٥)، وهي عطاء مؤجل الدفع إلى موسم الحصاد (٦)، وفي ابتكار الصكوك


(١) الهندسة المالية الإسلامية ودورها في تمويل رأس المال العامل، ليحيى النعيمي، ص ٣٨.
(٢) هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، أبو عبد الملك، الأموي. ولد بمكة عام ٢ للهجرة، ونشأ بالطائف، لا يثبت له صحبة، وكان يعد من الفقهاء، وروى عن غير واحد من الصحابة، ولما كانت أيام عثمان جعله في خاصته واتخذه كاتبًا له، ولي إمرة المدينة أيام معاوية، وبويع له بالخلافة بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية، ومدة حكمه تسعة أشهر و ١٨ يومًا، توفي عام ٦٥ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي ٣/ ٤٧٦، الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر ١٠/ ٣٨٨.
(٣) هو سليمان بن يسار، أبُو أيوب، مولى ميمونة أم المؤمنين، من كبار التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، ولد في خلافة عثمان سنة ٣٤ هـ، كان سعيد بن المسيّب إذا اتاه مستفتٍ يقول له: "اذهب إلى سليمان فإنه أعلم من بقي اليوم"، توفي سنة ١٠٧ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي ٤/ ٤٤٤، الأعلام، للزركلي ٣/ ١٣٨.
(٤) كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل قبضه، برقم ١٥٢٨.
(٥) انظر: المنتقى شرح الموطأ، للباجي ٤/ ٢٨٥، شرح الزرقاني على موطأ مالك ٣/ ٤٣٣.
(٦) انظر: النظام المصرفي الإسلامي، لمحمد سراج، ص ٢٨.

<<  <   >  >>