للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- رأى أن المصلحة في تضمينهم، فلو لم يضمنوا لأدى بهم الحال-جريًا وراء الكسب السريع- إلى الإقدام على إهلاك أموال المؤجرين دون تحفظ (١)، والقول بعدم تضمينهم سببٌ لضياع أموال الناس، والتهاون في حفظها، وسببٌ أيضًا في عدم انتفاع الناس بأعمال الأجراء؛ خوفًا على أموالهم، مع حاجتهم جميعًا إلى ذلك (٢)، وفي ذلك مفسدة، ولا يصلح الناس إلا تضمين الأجراء كما قال علي -رضي الله عنه-، خاصةً إذا فسد الناس، فقد" كان الشافعي رحمه الله يذهب إلى أنه لا ضمان على الأجير، ولكنه لا يفتى به لفساد الناس" (٣)، وفي تضمين الأجراء من علي -رضي الله عنه- تعديل على العقد، وتطوير له؛ كي يحمي أموال الناس، وهو عبارة عن هندسة مالية إسلامية.

وفي هذه الأمثلة الثلاثة بيان أن الصحابة كانوا يجتهدون في هندسة العقود المالية ابتكارًا، وتطويرًا؛ ليحققوا مصالح للناس، ويدرؤوا عنهم المفاسد قدر الإمكان، وفيها مستندات شرعية للهندسة المالية الإسلامية من اجتهادات الصحابة -رضي الله عنهم-، وهم خير قدوة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


(١) انظر: تطوير الأعمال المصرفية، لسامي حمود، ص ٤٠٢.
(٢) انظر: أحكام المعاملات الشرعية، لعلي الخفيف، ص ٤٤٧.
(٣) المهذب، للشيرازي ٢/ ٢٦٧.

<<  <   >  >>