للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مع اتساع ماله، قال: لو أمرته بذلك لسهل عليه، واستحقر إعتاق رقبة في جنب قضاء شهوته، فكانت المصلحة في إيجاب الصوم لينزجر به" (١)، قال الشاطبي: "وهذه الفتيا باطلة" (٢)، قال الغزالي: "فهذا قول باطل ومخالف لنص الكتاب بالمصلحة" (٣)، وبطلان هذه الفتيا من جهة أن هذا العالم لم يبين للملك أن كفارة الجماع في رمضان لها ثلاثة مراتب؛ عتق رقبة، أوصيام شهرين متتابعين، أوإطعام ستين مسكينًا، كما ورد بذلك النص (٤)، بل ألزمه بنوع واحد من الكفارات، وهو صيام شهرين متتابعين؛ ليزجر الملك، وهذه المصلحة ملغاة لمخالفتها ما جاء به النص من التنوع في الكفارة، سواء كانت هذه الكفارة على الترتيب، أو على التخيير (٥)، فضلًا على أن المصلحة التي رآها العالم


(١) المستصفى، للغزالي، ص ١٧٤.
(٢) الاعتصام، للشاطبي، ص ٦١٠.
(٣) المستصفى، للغزالي، ص ١٧٤.
(٤) والنص الذي ورد: عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: هَلَكْتُ، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قَالَ: لَا، قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا» قَالَ: أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» " رواه البخاري، كتاب الصيام، باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه، فليكفر، برقم ١٩٣٦، ومسلم، كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم، ووجوب الكفارة الكبرى فيه وبيانها، وأنها تجب على الموسر والمعسر وتثبت في ذمة المعسر حتى يستطيع، برقم ١١١١.
(٥) عند الجمهور الكفارة على الترتيب، وعند الإمام مالك على التخيير. انظر: تبيين الحقائق، للزيلعي ١/ ٣٢٧، بداية المجتهد، لابن رشد ٢/ ٦٧، مغني المحتاج، للشربيني ٥/ ٣٧٧، المغني، لابن قدامة ٣/ ١٤٠.

<<  <   >  >>