للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في صوم الملك شهرين متتابعين تقابلها مصلحة أرجح منها، وهي اعتاق الرقبة، فهذه مصلحة متعدية النفع، وتلك قاصرة النفع على الملك؛ لذلك قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- كفارة عتق الرقبة على كفارة صيام شهرين متتابعين، "وفتح هذا الباب يؤدي إلى تغيير جميع حدود الشرائع ونصوصها بسبب تغير الأحوال، ثم إذا عرف ذلك من صنيع العلماء لم تحصل الثقة للملوك بفتواهم، وظنوا أن كل ما يفتون به فهو تحريف من جهتهم بالرأي" (١).

٣ - المصلحة المرسلة: وهي المصلحة التي لم يشهد لها الشارع بالاعتبار، ولا بالإلغاء (٢)، ولكنها محققة لمقصود الشارع (٣)؛ مثل جمع القرآن في زمن الصحابة -رضي الله عنهم-، فهذه مصلحة لم يرد فيها نص على اعتبارها أو إلغائها، وهي محققة لمقصود الشارع، فجمع القرآن حفظ للشريعة، وهي مقصودة للشارع (٤).

ولابد أن تكون المصلحة المرسلة مستندة إلى دليل قد اعتبره الشارع، غير أنه لا دليل يتناولها بخصوصها، وإنما يتناول الجنس البعيد لها (٥).

ثانيًا: تقسيم المصلحة من حيث قوتها في ذاتها:

تنقسم المصلحة من حيث قوتها في ذاتها ثلاثة أقسام:

١ - المصلحة الضرورية: وهي المصلحة التي تتوقف عليها حياة الناس، بحيث لا يستقيم النظام باختلالها، فإذا اختلت تؤول حالة الأمة إلى فساد، وتكون حياتهم أشبه بحياة


(١) المستصفى، للغزالي، ص ١٧٤.
(٢) انظر: المستصفى، للغزالي، ص ١٧٤، الاعتصام، للشاطبي، ص ٦١١.
(٣) انظر: ضوابط المصلحة، للبوطي، ص ٣٤٢.
(٤) انظر: اعتبار مآلات الأفعال وأثرها الفقهي، لوليد الحسين ١/ ٢٨٥، المصالح المرسلة وأثرها في المعاملات، لعبدالعزيز العمار، ص ١٠٩.
(٥) انظر: ضوابط المصلحة، للبوطي، ص ٢٣٠.

<<  <   >  >>