للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم: " وقاعدة الشرع والقدر تحصيل أعلى المصلحتين وإن فات أدناهما" (١).

وقد ذكر بعض العلماء من ضوابط المصلحة ألا تعارض الشرع (٢)، وقد سبق بيان أن ما يعارض الشرع لا يدخل في مفهوم المصلحة، فلا داعي لوضعه من الضوابط.

ولابد أن يضاف إلى هذه الضوابط أن يكون المقرر لهذه المصلحة هم العلماء، فالعلماء هم الذين يعرفون موافقة المصلحة لمقاصد الشارع، وهم الذين يميزون المصلحة الحقيقة من المصلحة الوهمية، ويدركون مآلات الأمور، وهم الذين يميزون بين المصالح فلا يقدمون المصلحة على مصلحة أهم منها، وهم أهل الذكر في معرفة المصالح الذين أمر الله بسؤالهم، قال الله تعالى: {فَسْ‍ئَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٣).

الفرع الخامس: المصلحة في الهندسة المالية الإسلامية

المصلحة في الهندسة المالية الإسلامية من حيث اعتبار الشارع لها، تعد من المصالح المرسلة التي لم يأمر الشرع بها، ولم يلغها، وهي ملائمة لمقصود الشارع، وقد دلت الأدلة على جنسها، ولم تنص عليها بخصوصها، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تطوير بعض العقود، كما في عقد السلم، وقد ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- ابتكار الصكوك، وإن كان من ضمن المصالح التي تقوم بها الهندسة المالية الإسلامية مصالح معتبرة، كما تقوم بتطوير المعاملات التي تشتمل على الزيادة الربوية، بإلغاء هذه الزيادة، وهذه من المصالح التي اعتبرها الشارع، لكن الكلام عن الهندسة المالية الإسلامية من حيث العموم من حيث هي ابتكار وتطوير لمنتجات مالية.


(١) إعلام الموقعين، لابن القيم ٣/ ٢١٧.
(٢) انظر: علم أصول الفقه، لعبدالوهاب خلاف، ص ٧٦.
(٣) سورة النحل، الآية ٤٣.

<<  <   >  >>