للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» رواه البخاري (١).

وعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا» متفق عليه (٢).

وجه الدلالة من الأحاديث: في هذه الأحاديث بيان أن دين الله يسر، وأن أحب الدين إلى الله الحنيفة السمحة، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما مالم يكن إثمًا، والحرج يناقض اليسر، ويناقض الحنيفية السمحة، فإذا كان مناقضًا لهما فهو مناقض للدين، ومناقض لما يحبه الله، والله لا يأمر به، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يختاره، وهو من أبعد الناس عنه، و"كل أوامره يراعي فيها التوسيع على الأمة، وعدم المشقة، لا يحب لهم المشقة أبدًا، ويحب لهم دائمًا التيسير عليهم، ولذلك جاءت شريعته سمحة سهلة" (٣).

الدليل الثالث: الأحاديث التي تدل على بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- عن كل ما يشق على أمته، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ». متفق عليه (٤).


(١) كتاب الإيمان، باب الدين يسر، برقم ٣٩.
(٢) رواه البخاري، كتاب المناقب، باب صفة النبي -صلى الله عليه وسلم-، برقم ٣٥٦٠، ومسلم، كتاب الفضائل، باب مباعدته -صلى الله عليه وسلم- للآثام واختياره من المباح، أسهله وانتقامه لله عند انتهاك حرماته، برقم ٢٣٢٧.
(٣) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد، لصالح الفوزان ١/ ٣١٢.
(٤) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب الجهاد من الإيمان، برقم ٣٦، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، برقم ١٨٧٦.

<<  <   >  >>