للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عبد الله -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» قالها ثلاثا. رواه مسلم (١).

وعن عائشة، رضي الله عنها: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحتجر حصيرا بالليل فيصلي عليه، ويبسطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يثوبون إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيصلون بصلاته حتى كثروا، فأقبل فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ». متفق عليه (٢).

وجه الدلالة من الأحاديث: هذه الأحاديث وغيرها كثير في نفس معناها تدل على سير النبي -صلى الله عليه وسلم- على طريق اليسر، وتمسكه بالحنيفية السمحة، ونهيه أصحابة عن التنطع والتكلف الذي يسبب لهم الحرج في الدين، والضيق من أحكامه، وألا يوقع بعضهم بعضًا في الحرج والضيق خاصة إذا كان متوليًا أمرًا من أمورهم كإمامة الصلاة.

الدليل الخامس: الرخص الشرعية كلها أدلة على أن الحرج مرفوع عن هذه الأمة، "كرخص القصر، والفطر، والجمع، وتناول المحرمات في الاضطرار، فإن هذا نمط يدل قطعا على مطلق رفع الحرج والمشقة" (٣)

الدليل السادس: أن العقل السليم مفطور على عدم التناقض، فلو كان الشارع قاصدًا للمشقة والحرج لما كان مريدًا لليسر والتخفيف، وذلك باطل عقلًا (٤).


(١) كتاب العلم، باب هلك المتنطعون، برقم ٢٦٧٠.
(٢) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصير ونحوه، برقم ٥٨٦١، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، برقم ٧٨٢.
(٣) الموافقات، للشاطبي ٢/ ٢١٢.
(٤) الموافقات، للشاطبي ٢/ ٢١٢، القواعد الكلية والضوابط الفقهية، لعثمان شبير، ص ١٩٥.

<<  <   >  >>