للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش: بأن هذه النصوص ليست على عمومها، بل هي مخصوصة في العقود والعهود التي جاء في الكتاب والسنة الإلزام بها (١).

أجيب: بأنه لا وجه لهذا التخصيص؛ لإنه يبطل دلالة العموم دون دليل (٢).

الدليل الثاني: قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٣).

وجه الدلالة من الآية: أن لفظ البيع لفظ عام يتناول كل بيع، ويقتضي إباحة جميعها، إلا ما خصه الدليل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيوع كانوا يعتادونها، ولم يبين الجائز، فدل على أن الآية الكريمة تناولت إباحة جميع البيوع إلا ما خص منها (٤)، قال ابن رشد (٥): "يندرج تحت قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} كل بيع، إلا ما خص منه بالدليل، وقد خص منه بأدلة الشرع بيوع كثيرة؛ فبقي ما عداها على أصل الإباحة، ولذلك قلنا في البيوع الجائزة: إنها جائزة، ما لم يحظرها الشرع، ولا ورد فيها النهي" (٦).

الدليل الثالث: قول الله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} (٧).


(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم ٥/ ١٤ - ١٥.
(٢) انظر: إعلام الموقعين، لابن القيم ١/ ٢٦٢.
(٣) سورة البقرة، الآية ٢٧٥.
(٤) انظر: المجموع، للنووي ٩/ ١٤٦.
(٥) هو أبوالوليد، محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي، من كبار فقهاء المالكية، كان مقدمًا في الفقه على جميع أهل عصره، عارفًا بالفتوى، معترفًا له بصحة النظر، وجودة التأليف، ودقة الفقه، وكان إليه المفزع في المشكلات، بصيرًا بالأصول والفروع والفرائض والتفنن في العلوم. ومن تصانيفه: "المقدمات الممهدات"، و"البيان والتحصيل"، توفي سنة ٥٢٠ هـ. انظر: الديباج المذهب، لابن فرحون ٢٧٨. سير أعلام النبلاء، للذهبي ١٩/ ٥٠١.
(٦) المقدمات الممهدات، لابن رشد ٢/ ٦٢.
(٧) سورة الأنعام، الآية ١١٩.

<<  <   >  >>