للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ١٥١} (١).

وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٣} (٢).

وجه الدلالة من الآيات: أن في حصر الآيات للمحرمات دليلاً على أن ما عداها على الإباحة، "فما لا يعلم فيه تحريم يجري على حكم الحل؛ والسبب فيه أنه لا يثبت لله حكم على المكلفين غير مستند إلى دليل" (٣).

الدليل السادس: عن سعد بن أبي وقاص، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ أَعْظَمَ المُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» متفق عليه (٤).

وجه الدلالة من الحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين في الحديث عظم جرم من يسأل عن شيء فيحرم بسبب مسألته، وفي ذلك دلالة على أن الأصل في الأشياء الحل، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يريد المحافظة على هذا الأصل، فنهى أصحابة عن السؤال، قال ابن حجر: " وفي الحديث بيان أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد الشرع بخلاف ذلك" (٥).

الدليل السابع: إن الاستقراء دل على أن الأصل في العادات الالتفات إلى المعاني، والشريعة جاءت لمصالح العباد (٦)، ومن مصالحهم أن يتبايعوا كيف شاؤا، مالم تحرمه


(١) سورة النعام، الآية ١٥١.
(٢) سورة الأعراف، الآية ٣٣.
(٣) غياث الأمم في الثياث الظلم، للجويني، ص ٤٩٠.
(٤) رواه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه، برقم ٧٢٨٩، ومسلم، كتاب الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف وما لا يقع، ونحو ذلك، برقم ٢٣٥٨.
(٥) فتح الباري، لابن حجر ١٣/ ٢٦٩.
(٦) انظر: الموافقات، للشاطبي ٢/ ٥٢٠.

<<  <   >  >>