للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشريعة، قال ابن تيمية: " فإن الشريعة قد جاءت في هذه العادات بالآداب الحسنة، فحرمت منها ما فيه فساد، وأوجبت ما لا بد منه، وكرهت ما لا ينبغي، واستحبت ما فيه مصلحة راجحة في أنواع هذه العادات ومقاديرها وصفاتها، وإذا كان كذلك: فالناس يتبايعون ويستأجرون كيف شاءوا، ما لم تحرم الشريعة" (١).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: الآيات التي تدل على اكتمال الدين، وتنهى عن تعدّي حدود الله؛ كقول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (٢)، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٣)، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (٤).

وجه الدلالة من الآيات: أن الله عز وجل بيّن في الآيات اكتمال الدين، وبيّن الوعيد لمن يتعدى حدود الله، "والعقود التي لم تشرع تعدٍّ لحدود الله وزيادة في الدين" (٥).

نوقش: بأن من كمال الدين أن الله بين فيه"شريعة تتناول حياة الإنسان من جميع أطرافها، وفي كل جوانب نشاطها، وتضع لها المبادئ الكلية والقواعد الأساسية فيما يتطور فيها ويتحور بتغير الزمان والمكان" (٦)، ومن الأمور التي تتطور في هذه الحياة العقود التي يتعامل بها الناس، ومن القواعد الأساسية التي بينها الدين، قاعدة الأصل صحة العقود التي يتعامل بها الناس مالم يدل الدليل على منعها (٧)، "وتعدي حدود الله هو تحريم ما


(١) مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ١٨.
(٢) سورة المائدة، الآية ٣.
(٣) سورة البقرة، الآية ٢٢٩.
(٤) سورة النساء، الآية ١٤.
(٥) الفتاوى الكبرى، لابن تيمية ٤/ ٧٩.
(٦) انظر: في ظلال القرآن، لسيد قطب ٢/ ٨٤٢ - ٨٤٣.
(٧) انظر: القواعد والضوابط الفقهية للمعاملات المالية عند ابن تيمية، لعبدالسلام الحصين ٢/ ١٦١.

<<  <   >  >>