للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الثاني: أن أول من تكلم عن الأصل في الشروط هو ابن حزم (١) وتبعه ابن تيمية ثم ابن القيم، وقد اختلفوا أيضًا في نسبة الأقوال إلى المذاهب، فابن حزم وهو يناقش أدلة المخالفين له الذين قالوا بصحة العقود والشروط، قال: "فوجدناهم لا حجة لهم فيه أول ذلك الحنفيين والمالكيين المخالفين لنا" (٢)، وبعدما ناقش أدلة صحة الشروط، قال: " والعجب كله من احتجاج الحنفيين والمالكيين بهذه الأخبار" (٣). وهذا يدل على أن الحنفية والمالكية يقولون بأن الأصل في الشروط الصحة. وابن تيمية يقول: "الأصل في العقود والشروط فيها ونحو ذلك: الحظر، إلا ما ورد الشرع بإجازته، فهذا قول أهل الظاهر، وكثير من أصول أبي حنيفة تنبني على هذا، وكثير من أصول الشافعي، وأصول طائفة من أصحاب مالك وأحمد" (٤). وهذا الكلام من ابن تيمية يخالف ما قاله ابن حزم في نسبة قول الجواز إلى الحنفيين والمالكيين. وابن القيم وهو يعدد الأخطاء التي وقع فيها الظاهرية قال: "الخطأ الرابع لهم: اعتقادهم أن عقود المسلمين وشروطهم ومعاملاتهم كلها على البطلان حتى يقوم دليل على الصحة، فإذا لم يقم عندهم دليل على صحة شرط أو عقد أو معاملة استصحبوا بطلانه، فأفسدوا بذلك كثيرًا من معاملات الناس


(١) هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، ولد سنة ٣٨٤ هـ، كانت لابن حزم الوزارة وتدبير المملكة، فانصرف عنها إلى التأليف والعلم، كان حافظا يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة على طريقة أهل الظاهر، بعيدا عن المصانعة حتى شبه لسانه بسيف الحجاج، من مصنفاته: "الإحكام في أصول الأحكام"، و "المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار"، طارده الملوك حتى توفي مبعدا عن بلده سنة ٤٥٦ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي ١٨/ ١٨٤، البداية والنهاية، لابن كثير ١٥/ ٧٩٥.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم ٥/ ١٩.
(٣) الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم ٥/ ٢٤.
(٤) مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ١٢٦ - ١٢٧.

<<  <   >  >>