للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعقودهم وشروطهم بلا برهان من الله بناءً على هذا الأصل، وجمهور الفقهاء على خلافه" (١). وهذا القول من ابن القيم يخالف قول شيخه ابن تيمية؛ حيث نسب القول بالصحة إلى جمهور الفقهاء خلافًا للظاهرية، وابن تيمية نسب القول بالمنع إلى كثير من أصول الأئمة، وهذا الخلاف بين هؤلاء الأئمة سبب اضطرابًا لمن بعدهم في نسبة الأقوال إلى المذاهب، خاصةً فيمن يكتفي بالنقل عن هؤلاء الأئمة في نسبة الأقوال للمذاهب.

الأمر الثالث: أن العقود والشروط بنفس المعنى، قال ابن حزم"العقود والعهود والأوعاد شروط واسم الشرط يقع على جميع ذلك" (٢). وهذا أحد الأسباب التي حملت بعض الباحثين في نسبة القول بأن الأصل في الشروط الجواز إلى المذاهب الأربعة (٣)، قال الدكتور محمد اليمني: "إن الأصل في المعاملات، والعقود عند أصحاب المذاهب الأربعة الإباحة، إلا ما دل الدليل على تحريمه، والشروط عقود ومعاملات فما الفرق إذًا؟ " (٤). ولعل هذا أيضًا هو سبب الخلاف بين ابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم في نسبة الأقوال للمذاهب الفقهية؛ لذلك يتكلمون عن حكم العقود والشروط في سياق واحد، فمنهم من غلب جانب الأصل في العقود كابن حزم، وابن القيم، أما ابن تيمية فغلب جانب الشروط عند الأئمة في كلامه عن الأصل في العقود والشروط، فقد قال بعد النقل السابق في الأصل في العقود والشروط: "فإن أحمدَ قد يعلل أحيانًا بطلان العقد بكونه لم يرد فيه أثر ولا قياس، كما قاله في إحدى الروايتين في وقف الإنسان على نفسه" (٥). فالرواية التي


(١) إعلام الموقعين، لابن القيم ١/ ٢٥٩.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم ٥/ ١٣.
(٣) انظر: مبدأ الرضا في العقود، للقره داغي ٢/ ١١٨٨، الشرط الجزائي وأثره في العقود المعاصرة، لليمني، ص ١٢٢.
(٤) الشرط الجزائي وأثره في العقود المعاصرة، لليمني، ص ١٢٢.
(٥) مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ١٢٧.

<<  <   >  >>