كسر قيوده وبادر خوفا أن يشعر بالأمر أحد من أعمامه فيسبقه. فلما صار زيادة الله في الدار أرسل في عبد الله بن الصائغ وفي أبي مسلم منصور بن إسماعيل، (وهما ممن كان سجن معه تهمة،) وفي عبد الله بن أبي طالب.
فلما دخلوا عليه قال لهم:(انظروا لي ولأنفسكم!) فقالوا له: (أرسل في أعمامك في لسان أبيك، وفي جودة الرجال والقواد.) فأرسل فيهم ودفع إليهم الصلات، وأخذ عليهم البيعة وأمر أن ينادي بتونس:(من كان هاهنا من الجند فليوافوا باب الأمير!) فركعوا بأسلحتهم فأمر بإدخالهم واحداً واحدا: يدخل الرجال فيبايع ويعطي خمسين مثقالا ففعل ذلك بالجودة.
أو كتب ذلك كتاب بيعته، فقرأ بتونس على منبر جامعها. وأخذت له البيعة على العامة بها. وكتب إلى العمال (بالبلاد) بأن يأخذوا له البيعة على من قبلهم. فلما قرب العشاء، نودي في الجند (اصبحوا للأخذ عطاياكم) ومطل عمومته بالانصراف (عنه) إلى الليل ثم أكبلهم أجمعين وأخلهم في شيني، ووكل بهم ثقاته، وأمرهم أن يمضوا بهم إلى جزيرة الكراث، وهي على اثني عشر ميلا من مدينة تونس، فضربت هناك رقابهم ليلة السبت لثلاث خلون لرمضان. وأصبح الجند والموالي من غد ذلك اليوم لأخذ الصّلات. فلما مضى صدر من النهار قيل لهم: انصرفوا فإنه يوم شغل! ثم أتوا من الغد فدفعوا. فلم يزالوا يترددون إلى أن بردت قلوبهم وملوا الاختلاف. ولما كمل الأمر لزيادة الله دعا بالفتيين الذين قتلا أباه. فأمر بهما فقطعت أيديهما وأرجلهما وصلبا على باب القيروان وباب الجزيرة من