وفي سنة ٤٤ عمل مروان بن الحكم المقصورة بمسجد المدينة - كرمها الله - وعملها أيضاً معاوية في الشام. وفي سنة ٤٥ غزا معاوية بن حديج الكندي أفريقية وكانت حرباً كلها قال الطبري: وذلك أن حبابة الرومي قدم على معاوية بن أبي سفيان فسأله أن يبعث معه جيشاً إلى أفريقية فوجه معاوية بن حديج في عشرة آلاف مقاتل فسار حتى انتهى إلى الإسكندرية فاستعمل عليها حبابة الرومي ومضى ابن حديج حتى دخل أفريقية وكان معه عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه وعن أبيه - وعن عبد الله ابن الزبير - رضي الله عنه وعن أبيه وعبد الملك بن مروان ويحيح ابن الحكم بن المعاصي وغيرهم من أشراف قريش فبعث ملك الروم إلى أفريقية بطريقاً يقال له نجفوراً في ثلاثين ألف مقاتل فنزل الساحل فخرج إليه معاوية بن حديج عبد الله بن الزبير في خيل كثيفة فسار حتى نزل على شرف عال ينظر منه إلى البحر بينه وبين مدينة سوسة اثني عشر ميلا فلما بلغ ذلك نجفوراً اقلع في البحر منهزما من غير قتال فأقبل بن الزبير حتى نزل على باب سوسة فوقف على البحر وصلى بالمسلمين صلاة العصر والروم يتعجبون من جرأته فأجروا له خيلاً وابن الزبير مقبلا على صلاته لا يهوله خبرها حتى قضى الصلاة ثم ركب وخمل على الروم بمن معه فانكشفوا منهزمين ورجع ابن الزبير إلى معاوية ابن حديج وهو بجبل القرن. ثم وجه ابن حديج عبد الملك ابن مروان في ألف فارس إلى مدينة جلولاء فحاصرها وقتل من أهلها عدداً كثيراً حتى فتحها عنوة فقتل المقاتلة وسبى الذرية وأخذ جميع ما كان في المدينة وحمل ذلك كله إلى معاوية بن حديج فقسمه على المسلمين فيقال أنه أصاب كل رجل منهم مائتي مثقال وأغزى معاوية بن حديج جيشاً في البحر إلى صقلية في مائتي راكب