للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخيك حماد. فأن صدقت فيما قلت، ووفيت بما وعت، وإلا فأفعل ما أردتما) وخرج إبراهيم بن يوسف العزيز بالله بماله ورجاله وجميع ذخائره، ولم يعقه في ذلك من نصير الدولة وإلا فقد بأثقال وجملة رجاله دليلا على ما خالف ما أظهر، وكان خروجه من شوال، وصبحه هاشم بن جعفر، ثم أحس هاشم أنه سيغدره إذا قرب من أخيه، فاعتذر له أن حاجة بقيت له بباجة، وعدل إلى طريقها، ووعده أن يلحقه سريعا. فنجاه الله من غدره. ومضى إبراهيم حتى وصل تامديت، وكتب إلى أخيه، فنهض إليه حماد في عساكر عظيمة، واجتمعت كلماتها، وخلعا أيديهما من الطاعة.

وانتهى ذلك إلى نصي الدولة، فرحل في أواخر من ذي الحجة، ونزل برقادة، ووضع العطاء لعساكره، وأخرج عياله وأثقاله وأخته السيدة أم ملال، وأولاده، وعبيد إلى المهدية، ورحل في السابع منه. وأمر بالقبض على يوسف بن أبي حبوس وأخته، فقبض عليه. وكان نصير الدولة لم يمض له يوم من الأيام إلا جدد عليه كرامة وإحسانا، ولا كان يهدى إليه فرس أو ثوب من ثياب الخلافة إلا أثره بذلك على نفسه، ومع ما حمل له من الضياع والرباع بكل كورة من كور أفريقية. وما زال يرفع من قدره، ويزيد في التنويه بذكره، حتى نال من أعلى المراتب، ما لم ينله بعيد ولا قريب، وسما من رفيع الدرجات ما لم يسم له حميم ولا نسيب. وكان - والله أعلم - تسول له نفس الفتك بالأمير نصير الدولة. وأنه هم بذلك مدة من الزمان، فلم يعنه الله عليه، بل خيب سعيه، ورد في نحره بغيه. فتقرر ذلك عند نصير الدولة، فقبض عليه. وكان في قبضه عليه ما أوهن الله به كيد الأعداء، وخيب آمالهم، وأضل أعمالهم. ورحل نصير الدولة ثاني عيد الأضحى بعسكره لحماد المذكور.

وفي سنة ٤٠٦، في صدر محرم، وصل عزم وفلفل حنون بن سنون،

<<  <  ج: ص:  >  >>