وماكسن بن بلقين، وعدنان بن معصم في عدة من الفرسان من عسكر حماد. فخلع عليهم، وأحسن إليهم. ومازال نصير الدولة يرحل مرحلة بعد مرحلة إلى أن وصل إلى تامديت. ثم ورد عليه الأخبار بوفاة ولده المنصور عزيز الدولة، وذلك أنه كان في حين حركته إلى المهدية عرضت له حمى، وظهر به جدري، فأقام سبعة عشر يوما. وتوفى. فكتم من نصير الدولة أمره خوفا أن يبدو من جزع. يكون فيه وهنا على الدولة فيما هو بسبيله من مقابلة عدوه. فبلغ خبره إبراهيم وحمادا، فبعثا إليه، وقالا له:(إن ولدك، الذي طلبت له ما طلبت، قد توفي) فما ضعضعه ذلك، ولا أوهنه، وكتب إلى السيدة يسألها عن ذلك. فورد كتابها بوفاته والتعزية عنه، ونصف سلامة المعتز حسن حاله، فكان من صبر نصير الدولة وحسن عزائه ما كثر التعجب به. وجلس مجلسا عاما للعزاء، فكان لا يرى من أحد جزعا وبكاء إلا سلاه وهون عليه، فزاد ذلك سرورا لأوليائه وكمدا لحسدته وأعدائه.
ثم رحل من تامديت لست خلون من صفر، وتمادى رحيله إلى أن وصل المحمدية، وهي مدينة المسيلة، فتلقاه أهلها داعين شاكرين على ما منحهم من العدل والأمان، وكثف عنهم من الجور والعدوان. فأقام بها ستة أيام. ثم رحل، فعبر وادي شلف، ثم تمادى مشيه حتى قرب من عساكر حماد وحشوده من زناتة وغيرها في العدوة الأخرى في الوادي. فبات على تحفظ واحتراس. ولما كان في غد نزوله، برز في عساكره، ومشى عليها، ورتبها، وأقام كل قائد من قواده في مركزه. وقد تقارب الفريقان، وتراءى الجمعان، فهزم حماد، وانتهب عسكره. فقيل أن الذي انتهب من الدرق عشرة آلاف درقة. وكان اشتغال العساكر النصيرية برفع الغنائم والأموال والأثقال سببا لنجاة حماد المذكور، لتركهم أتباعه. وأخذ الناس من الأموال والغنائم ما لا يحصى عددا وكثرة، ووجد رقعتان فيهما: (أن الذي عند القائد فلان صندوق فيه