خمسون ألف دينار وسبعمائة، ومن الورق ألف ألف وخمسمائة ألف درهم، ومن الأمتعة خمسون صندوقا) غير ما كان في بيت حماد وخزائنه. قال أبو إسحاق: وجد رجل بين يديه بغل يسوقه، ففتشه بعض الوصفان بين أيدينا، فوجد في حشو برذعته وصوفها ثماني آلاف دينار، ومثل هذا ما لا يحصى كثرة وعرضت لي أبيات بعد أن صعدنا من الوادي، وقد لقينا به مشقة شديدة، غير أن حلاوة الظفر والفوز بالسلامة أنسى ذلك، وهي (بسيط) :
لم أبس يوما بشلف راع منظره ... وقد تضايق فيه ملتقى الحدق
والخيل تعبر بالهامات خائضة ... من سافح الدم مجرى قاني الفلق
والبيض في ظلمات النقع بارقة ... مثل النجوم تهاوت في دجي الغسق
وقد بدأ معلما باديس مشتهرا ... كالشمس في الجو لا يخفى عن الحدق
وإن راحته لو فاض نائلها ... وبأسها في الورى أشفوا على الغرق
تجلوا عمامته الحمراء غرته ... كأنه قمر في حمر الشفق
لو صور الموت شخصا ثم قيل له ... (أبو مناد تبدى) مات من فرق
وأصبح نصير الدولة يوم الاثنين لليلتين خلتا من جمادى الأولى، فبعث في طلب حماد بن يوسف العزيز بالله، وقد تحصن في القلعة من أخيه، فأقاما بها ثلاثة أيام حتى استراحا وأراحا دوابهما ومن كان معهما. فعرفه إبراهيم بحاجته إلى الازدياد من الطعام والملح، فخرج حماد في جميع من كان معه ومع أخيه، فسار بهم حتى دخل مدينة دكمة، وقد كان نقد على أهلها، وكان نصير الدولة في أثره، فتصايح أهل الموضع بساقته، فاعترضهم بالسيف، وقتل منهم نحو ثلاثمائة رجل. فخرج إليهم أحمد بن أبي توبة فقيه هذه المدينة وصالحها، فخوفه بالله، ووعظه، وقال له (يا حماد إذا لاقيت الجموع هربت منها أوأن قاربتك الجيوش فررت عنها! لا وإنما قدرتك وسلطانك على