للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء من أهل القيروان. ثم حدث عليه بالشام ما أشغله، فخرج إليها فلما وصل السبر مات في مرحاض الحمام.

ثم ولي بعده الحاكم، فأظهر أكثر مذهبهم، فكان مما أحدث أنه بنى دارا وجعل لها أبوابا وأطباقا، وجعل فيها قيودا وأغلالا وسماها جهنم، فمن جنى جناية عنده قال (ادخلوه جهنم) وأمر أن يكتب في الشوارع والجوامع بسب الصحابة، أجمعين. ثم أرسل داعيا إلى مكة، فلما طلع المنبر وذكر ما ذكر، اقتحم عليه بنو هذيل فقطع قطعة قطعة وكسر المنبر وفتت حتى لم يجمع منه شيئا. ثم أرسل رجلا خراسانيا من بني عمه، فضرب الحجر الأسود بدبوس، فقتل في حينه وأخذه الناس قطعة قطعة وأحرق بالنار وأرسل - لعنه الله - إلى مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من ينبش القبر المعظم فسمع الناس صائحا يقول: القبر ينبش! ففتشه الناس فوجدوه وأصحابه فقتلوهم ثم أنه ادعى الربوبية من دون الله، وجعل داعيا يدعوا الناس إلى عبادته، وسماه المهدي. فكتب داعيه الكتاب، وكان اسمه حمزة، وذلك في سنة ٤١٠ وقرئ بحضرة الحاكم - لعنه الله - على أهل مملكته، ذكر فيه - تعالى الله عن إبطال المبطلين علوا كبيرا! - الحمد لمولاي الحاكم وحده باسمك اللهم الحاكم بالحق! ثم تمادى فقال: توكلت على إلهي أمير المؤمنين، جل ذكره وبه نستعين في جميع الأمور! ثم طوّل بالكتاب بالتخليط مرة يجعله أمير المؤمنين ومرة يجعله إله، وقال فيه: (وأمرني بإسقاط ما يلزمكم اعتقاده من الأديان الماضية والشرائع الدارسة) وذكر أشياء يطول ذكرها. وكانت له راية حمراء تحت قصره فاجتمع إليه خلق نحو خمسة عشر ألف رجل فيما قيل، ثم إن رجلا من الترك كاتبه حمزة فأظهر الحاكم أنه أمر يقتله. وكان الحاكم كثير التصرف بالليل إلى جبل المقطم على حمار، فخرج ليلا فقتل هو وحماره.

<<  <  ج: ص:  >  >>