ثم ولي بعده علي الملقب بالظاهر، فكان مشتغلا بالشرب منهمكا فيه يلابس ثياب النساء، حتى يظنه الناس إذا مشى معهن امرأة ثم أصابه الاستسقاء حتى صار كالعدل فمات.
ثم ولي بعد معد الملقب بالمستنصر، فمرة يظهر السب ومرة يكف ويسكن الناس، فإذا مشى في جنوده كان بين يديه الشبابة ومن ينشد الشعر. وذكر أنه أرسل من كتب السب في أستار الكعبة في ليلة ظلماء، فأصبح الناس فوجدوه، فضج المسلمون لذلك، وأكثروا البكاء لسب الصحابة، قال ابن سعدون: وعلى هذا بنو أصل مذهبهم، أنهم يظهرون الدين والخير حتى يتمكنوا قال المؤلف: انتهى ما لخصته من كتاب ابن سعدون.
وذكر ابن القطان عنهم أنهم قوم الرافضة، يدعون النسب إلى علي - رضي الله عنه - وأكثر اعتقاداتهم كفرا، ولما مات المستنصر بن الظاهر ولى بعده ولده الملقب بالمستعلي، وكان أشبه من غيره سياسة لا دينا. فلما توفي هو ووزيره الأفضل، استبد ولده وتسمى بالآمر بحكم الله، وكان جبارا عنيدا ظالما جائرا وكثر في زمانه دعوى الباطل، ونصر الظالم على المظلوم، وأعانته على ظلمه. واستخلص لنفسه فتيين من الفتيان الوضاء الوجوه، اتخذهما للفاحشة، كان رزق كل واحد منهما ألف دينار في كل يوم، وكان يعمل النزاهة، ويبيح للناس فيها المحضورات، فلا يشاء مؤمن أن يعاين منكرا مباحا إلا عاينه.
ثم ولي بعد عبد المجيد، الملقب بالحافظ لدين الله، ابن المستنصر، بويع في اليوم الذي قتل فيه الآمر، وخطب له على المنابر، وزر له أبو علي أحمد ابن الأفضل أمير الجيوش. أبو علي على الأمر وجملة الحال من سنة ٥٢٦ إلى سنة ٥٣٢: كانت لهم فيها محاولات شنيعة وأمور فظيعة منها قتل الأمير، وانتنزاء قاتله حرز الملوك، وقتله، واستيلاء ابن الأفضل وقتله،