عظيم فدوه بأنفسهم، وأما بنو مناد وجميع صنهاجة وغيرهم من القبائل، فإنهم فروا، وانتهبت العرب معسكر العز السلطان فحازوه، وفيه من الذهب والفضة والأمتعة والأسباب والأثاث والخف والكراع ما ل يعلم عدده إلا اله. وكان فيه من الأخبية وغيرها ما يتجاوز عشرة آلاف ومن الجمال نحو خمسة عشر ألفا، ومن البغال ما لا يحصيه قول. فما خلص لأحد من الجند عقال فما فوقه، وسلك أكثر الناس الجبل المعروف بحيدران فافترقوا فيه. ثم رجع بعضهم على بعض وليس عند أهل القيروان خبر بذلك إلا أنهم كانوا تحت نوقع وتشوف. فلما كان ثالث العيد، قدم فارسان مع ابن البواب، وهم قد غلبت عليهم الكآبة وكسوف البال، وحالهم تغنى عن السؤال وكثر أيضا سؤال الناس عن السلكان، فذكروا أنه في حيز السلامة، فلم تك إلا ساعة حتى دخل قصره هو وولده. ثم تساقط الناس بعده آحادا وجموعا وتخلف عن الوصول خلق عظيم فمنهم من علم خبره ومنم من لم يعلم. ثم ذكر أن العرب أخذوا خلقا كثيرا من الصنهاجيين وغيرهم.
قال ابن شرف: وكان العسكر المهزوم ثمانين ألف فارس، ومن الرجالة ما يليق بذلك وكان خيل العرب ثلاثة آلاف فارس، ومن الرجالة ما يليق بذلك. وفي ذلك يقول علي بن رزق من قصيدة له في ذلك أولها (طويل) :
لقد زارنا من أميم وهنا خيال ... وأيدي المطايا بالذميل عجال
وفيها:
ثلاثون ألفا منكم هزمتهم ... ثلاث آلاف أن ذا لنكال
ووصل العرب إلى نواحي القيروان، وجل كل من شبق إلى قرية يسمى نفسه لهم ويؤمنهم ويعطيهم قلنسوة أو رقعة يكتبها لهم علامة ليعلم غيره