من ذهب؛ فجعل يردد بصره فيه؛ فقال له موسى:(إنك لتعجب من غير عجب! واله! ما أحسب أن فيه عشرة آلاف دينارّ والله! لقد بعثت إلى أخيك الوليد بشنور من زبرجد أخضر، كان يصب فيه اللبن، فيخضر وترى فيه الشعرة البيضاء؛ ولقد قوم بمائة ألف مثقال، وإنه لمن أدنى ما بعثت به إليه! ولقد أصبت كذا وأصبت كذا!) وجعل يعدد ما أصاب من الدُّر والياقوت والزبرجد، حتى بهت سليمان من قوله.
وخرج سليمان يوما يتصيد، ومعه موسى بن نصير؛ فمرَّ في منية له بذود غنم يكون فيها نحو ألف شاة؛ فالتقت إلى موسى، وقال له:(هل كان لك مثل هذا؟؟ فضحك موسى وقال: (والله! لقد رأيت لأدنى موالي أضعاف هذا! فقال سليمان: (لأدنى مواليك؟) فقال: (نعم والله! نعم والله!) ورددَّها مرارار؛ ثم قال:(وما هذا فيما أفاء الله على! لقد كانت الألف شاة تباع بعشرة دراهم، كلُّ مائة بدرهم! ولقد كان الناس يمرون بالبقر والغنم؛ فلا يلتفتون إليها! ولقد رأيت الذود من الإبل بدينار! ولقد رأيت العلج الفاره وامرأته وأولاده يباعون بخمسين درهما!) قال: فعجب سليمان.
ثمّ حجَّ سليمان، وخرج موسى معه؛ وكان موسى من أعلم الناس بالنجوم. فلما احتل بالمدينة، قال لبعض إخوانه:(ليموتنَّ بعد غد رجل قد ملأ ذكره المشرق والمغرب!) فظنَّ الرجل أنه الخليفة؛ فمات موسى في اليوم الثاني. وصلَّى عليه مسلمة بن عبد الملك. وكان مولد موسى سنة ١٩، في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. قيل إنه من لخم؛ وقيل: من بكر بن وائل.
وقال ابن بشكوال في (كتاب الصلة) له: إنه موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن زيد. وقال غيره: كان نصير ولاه معاوية بن أبي سفيان على خيله؛ فلم يقاتل معه علياّ؛ فقال له:(ما منعك من الخروج معي على عليّ؟ وبدى عليك، ولم تكافئني عليها؟) فقال: (لم يمكني أن أشكرك بكفر من هو