إليه دابَّة؛ فركبها موسى، وأقام عنده أياما حتى حسن ما بينه وبين سليمان وافتدى منه موسى بمال كثير، قيل: ألف ألف دينار، وقيل غير ذاك. ثم إن يزيد بن المهلب سهر ليلة عند موسى؛ فقال له:(يا أبا عبد الرحمن! في كم كنت تعتدُّ من مواليك وأهل بيتك؟) فقال له موسى: (في كثير!) فقال يزيد: (يكونون ألفا؟) فقال له موسى: (ألف وألف وألف إلى منقطع النفس!) فقال له يزيد: (كنت على ما وصفت، وألقيت بيدك إلى التهلكة! أفلا أقمت في قرار عزّك وموضع سلطانك، وامتنعت بما قدمت به؟ فإن أعطيت الرضى، وإلاَّ كنت على عزك وسلطانك!) فقال له: (والله! لو أردت ذلك، لما نالوا من أطرافي طرفا! ولكنّي آثرت الله ورسوله! ولم أر الخروج عن الطاعة والجماعة!) وذكر أنَّ سليمان قال لموسى: (ما الذي كنت تفزع إليه عند حروبك ومباشرة عدوك؟) قال: (كنت أفزع إلى التضرُّع والدعاء والصبر عند اللقاء!) قال: (فأيُّ الخيل رأيتها في تلك البلاد أسبق؟) قال: (الشقر!) قال: (فأيُّ الأمم كانوا أشد قتالا؟) قال: (هم أكثر من أن أصفهم!) قال: أخبرني عن الروم!) قال: (أسد في حصونهم، عقبان على خيولهم، نساء في مواكبهم، إن رأوا فرصة انتهزوها، وإن رأوا غلبة، فأوعال تذهب في الجبال، لا يرون الهزيمة عاراً.) قال: (فأخبرني عن البربرا) قال: (هم أشبه العجم بالعرب لقاء ونجدة وصبرا وفروسية، غير أنهم أغدر الناس، لا وفاء لهم ولا عهدا!) قال: (فأخبرني عن الأندلس!) قال: (ملوك مترفون، وفرسان لا يخيبون.) قال: فأخبرني عن الإفرنج!) قال: (هناك العدد والعدة، والجلد والشدة، والبأس والنجدة!) قال: (فأخبرني كيف كانت الحرب بينك وبينهم: أكانت لك أو عليك؟) فقال: (أما هذا، فوالله! ما هزمت لي راية قط، ولا بدد جمعي، ولا نكب المسلمون معي، منذ اقتحمت الأربعين إلى أن بلغت الثمانين!) فضحك سليمان، وعجب من قوله. ثم دعا سليمان بطست