عليه وقال له سليمان (كتبت إليك فلم تنظر كتابي هلم مائة ألف دينار) قال (يا أمير المؤمنين قد أخذتم ما كان معي من الأموال فمن أين لي مائة ألف دينار؟) قال: (لابد من مائتي ألف) فاعتذر فقال (لا بد من ثلاثمائة ألف دينار) وأمر بتعذيبه وعزم على قتله فاستجار بيزيد ابن المهلب وكانت له حظوة عند سليمان فاستوهبه منه وقال (يؤدي ما عنده) وقيل أن موسى افتدي من سليمان بألف ألف دينار ذكر ذلك بن حبيب وغيره ثم أن يزيد بن المهلب سهر ليلة مع الأمير موسى فقال له: (يا أبا عبد الرحمن في كم كنت تعتد أنت وأهل بيتك من الموالي والخدام؟ أتكونون في ألف؟) فقال (نعم) وألف ألف إلى منقطع النفس قال (فلم ألقيت بنفسك إلى التهلكة؟ أفلا أقمت في قرار عزك وموضع سلطانك؟ والله لو أردت ذلك لما أنالوا من أطرافي شيئاً ولكني آثرت الله - عز وجل - ورسوله ولم أر الخروج عن الطاعة) وقيل أن سليمان بن عبد الملك بعد ما افتدي منه موسى دعا يوماً بطست من ذهب فرآه موسى ينظر إليه فقال له: (يا أمير المؤمنين إنك لتعجب من غير عجب والله ما أحسب أن فيه عشرة آلاف دينار والله لو بعثت إلى أخيك الوليد بتنور من زبرجد أخضر كان يصب فيه اللبن فيخضر ولقد قوم بمائة ألف دينار ولقد أصبت كذا بكذا) وجعل يكثر عليه في ذلك حتى بهت الأمير من قوله. وكان مولد موسى بن نصير سنة ١٩ ووفاته سنة ٩٨ فكان عمره تسعاً وسبعين سنة وفي سنة ٨٨ ولي أفريقية فأقام عليها أميراً وعلى الأندلس والمغرب كله نحو ثمان عشر سنة إلى أن مات ومما ذكر في وفاته أنه حج مع سليمان فلما وصلا المدينة قال موسى بن نصير لأصحابه:(ليموتن بعد غد رجل قد ملئ ذكره المشرق والمغرب) فمات موسى في ذلك اليوم.