آية للعالمين؛ وقتل العلاء فيمن قتل من أولئك الأقوام، وطيف برأسه في ذلك المقام.
وقيل إن أبا جعفر المنصور كان أرسل إلى العلاء بن مغيث بولاية الأندلس. فنشر الأعلام السود، وقام بالدعوة العباسية بالأندلس؛ فانحشر إليه الناس. ولما ظفر به الإمام على ما تقدم، أخذ رأسه، وفرغ وحشي ملحا وصبرا، وجعل معه لواء أبي جعفر المنصور، وأدخل في سفط؛ وبعثه مع رجال، وأمرهم أن يضعوا السفط بمكة؛ فوافقوا المنصور بها حاجا في تلك السنة؛ فجعل السفط عند باب سرادقه. فلما نظر إلى ما فيه، قال:(إنا لله! عرضنا بهذا المسكين للقتل! الحمد لله الذي جعل البحر بيننا وبين هذا الشيطان!) يعني عبد الرحمن. هذا مساق السالمي في (درر القلائد) .
ومن (بهجة النفس) قال: وكانت ثورة العلاء بموضع يقال له لقنت من عمل باجة. فأظهر سجل المنصور ولواءه، وجمع إلى نفسه من أجابه، ونهض إلى باجة؛ فأخذها، وتغلب منها على جميع الغرب، وخرج يريد الأمير عبد الرحمن؛ فسار حتى انتهى إلى المدور. وكان الأمير يومئذ قد خرج غازيا إلى شرق الأندلس؛ فرجع إذ بلغه أمر العلاء؛ فلما دنا من قرطبة، أمر من كان معه من أهل إشبيلية أن يفروا في المدور، إذ كان قد اتهمهم لميل أهل إشبيلية إلى العلاء؛ ثم نهض، وكتب سرا إلى بدر مولاه يأمره بقتلهم، كان الظفر له أو عليه. ومضى العلاء؛ فالتقى معه. فكانت بينهما حروب وزحوف. ثم قتل العلاء بمقربة من قرمونة، وقضت جموعه. وقتل من أصحابه نحو ستة آلاف. وأمر الأمير بحز رأس العلاء ورؤوس أشراف أصحابه؛ وقرطت فيها صكوك بأسمائهم، وجعلت في أوعية؛ وندب الأمير بها قوما توجهوا بها إلى القيروان؛ فطرحوها في الليل في الأسواق. فتسمع الناس أمرها، وأتصل الأمر بأبي جعفر؛ فانكسرت حدته. وقيل إن الذي هزم العلاء بدر مولى عبد الرحمن بن معاوية، والله أعلم.