مذهب؛ فأخذ بيعته، وصدر عنه؛ وقدم معه حفص ابنه وجماعة من أصحابه؛ فأخذت عليهم البيعة، وردهم الأمير محبوين بالكرامة والرعاية. فبقى ابن حفصون سامعا مطيعا منتهيا عما نهى عنه، واقفا عندما أمر به. ثم تعدى بعد ذلك حده، ومد يده إلى ما نهى عنه؛ فلم يدع مالا عند من أمكنه، واستحوذ على أهل الكور في أموالهم، وأمضى نفسه على عادته الذميمة من الفساد وقطع السبل، وذلك في سنة ولاية الأمير عبد الله.
وفي سنة ٢٧٦، خرج الأمير عبد الله بنفسه إلى بربشتر وحصون رية؛ فانتسف معايشها، وقفل عنها، وقد شد تلك الناحية؛ وأبقى بحاضرة رية محمد بن ذنين من أهل قرطبة؛ فخرج ابن حفصون في إثره، وتألف إليه المفسدون؛ فأتوا إلى إسنجة، فاحتلوها، ثم إلى حصن إستبة، فأخذوه؛ فأخرج إليهم الأمير جيشا؛ فنزل ابن حفصون، واعترف بذنبه؛ فعقد له الأمير أمانا.
وفي هذه السنة، ولي محمد ابن الأمير عبد الله كورة إشبيلية؛ فخرج في أيامه بعض عرب إشبيلية إلى قرمونة؛ فضبطوها.
وفيها، ثار أبو يحيى محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز النجيبي المعروف بالأنقر.
وفيها، نقض ابن حفصون وقصد بيانة؛ فحارب أهلها، ثم أعطاهم العهد؛ فلما نزلوا إليه، غدرهم، وقتلهم، وأخذ أموالهم، وسبى ذراريهم.
وفيها، انتفض أهل جيان، وأخرجوا عاملها عباس بن لقيط، وملكها ابن شاكر.
وفي سنة ٢٧٧، ولد عبد الرحمن الناصر.
وفيها، غزا القائد ابن أبي عبدة إلى جيان، وفيها ابن شاكر مخالفا؛ فحاربه، وحاصره، وقتل جماعة من أصحابه، وأحرق كثيرا من دور جيان.