ولم تزل مدة إبراهيم تتمشى على أحسن حال وأجزله، وأهذب زيّ وأكمله، تقضت زينا لعصره، وفخرا له بها على أهل مصره، لم يلحقه في ذلك أحد في وقته، ولا قدر على نيل مرتبته، إلى أن وافته منيته فجأة، وذلك عام ٢٨٨. وولى أبنه عبد الرحمن بن إبراهيم بن حجاج بعد أبيه، وطالت مدته ثلاث عشرة سنة، وتوفي سنة ٣٠١. وكان أخوه محمد بن إبراهيم بن حجاج - رحمه الله - صاحب قرمونة في حياة أبيه وبعد موته إلى أن مات أخوه، ولم يستقر بإشبيلية، ولا حكمها. وقيل إنه دسَّ على أخيه عبد الرحمن جارية سمته؛ فمات من ذلك.
قال ابن أبي الفياض: كان محمد بن إبراهيم بن حجاج صاحب قرمونة بعد موت أبيه؛ وكانت له بها دولة حسنة وأيام صالحة، شهر في الفضل ذكره، وانبسط على ألسنة الناس شكره، قصد من الأقطار، ومدح يجيد الأشعار؛ فأنال القاصدين، ومنح المادحين. ولما توفي أبوه، ولي إشبيلية أخوه عبد الرحمن، إذ كان كبيره. وكان محمد يزيد على عبد الرحمن بأشياء من المحامد، خص بها في وقته فحمد، وظهر أثر الإمارة في فعاله فشكر وحسد. وكانت دولته بقرمونة أضخم من دولة أخيه بإشبيلية وأطول، وذلك أربع عشرة سنة بعد موت أبيه. وتوفي عام ٣٠٢.
قال الرازي: افتتح الناصر لدين الله إشبيلية سنة ٣٠١. وكان سبب ذلك موت عبد الرحمن بن إبراهيم بن حجاج المنقزي فيها بعد والده، واجتماع أهلها من بعده على تقديم أحمد بن مسلمة، ودفعهم لأخي عبد الرحمن محمد بن إبراهيم