يوما، حتى نادوا بالطاعة، وضرعوا في قبول الإنابة؛ وأسلموا أصحاب ابن حفصون الذين كانوا عندهم؛ فتلقى ذلك أمير المؤمنين - رحمه الله - بالقبول، وأخرج إليه جميع من كان في الحصن من المشركين؛ فأمر بضرب رقابهم حتى أبيحوا عن آخرهم.
ثم أمَّ - رحمه الله - مدينة شلوبينية، وفعل فيها مثل فعله فيما تقدم ذكره؛ وضبط برجاله كل حصن افتتحه. وانحسم الداء في كورة إلبيرة، وتألفت كلمتهم، واستقامت طاعتهم. وصدر - رحمه الله - قافلا على طريق حصن أشنبين وحصن بنة فراطة؛ وكانا قد أضرا بأهل غرناطة وحاضرة إلبيرة، وهما في غاية الحصانة والمنعة. فنزلت الجيوش عليهما، وأحدقت بهما؛ وحوربوا أشد محاربة وأنكاها عشرين يوما. ثم أخذت عليهم الحصون وشحنت بالرجال. وقفل أمير المؤمنين - رحمه الله - بعد إيعابه النظر في كلّ ما شخص له من استصلاح أمر كورة جيان وإلبيرة وما والاهما، ودخل القصر بقرطبة يوم الأضحى؛ وقد استتم في غزاته اثنين وتسعين يوما.
وفي هذه السنة، توفي هشام بن محمد القرشي المعروف بابن الشبانسية.
وفي سنة ٣٠١، توفي بإشبيلية عبد الرحمن بن إبراهيم بن حجاج صاحبها، في المحرم؛ فاجتمع أهلها على تقديم أحمد بن مسلمة مكانه؛ وكان من الشجعان فأخرج أمير المؤمنين الناصر - رحمه الله - أحمد بن محمد بن حدير الوزير قائدا نحوها؛ فكان أول من حاربها وأوقع بأهلها. وكان محمد بن إبراهيم بن حجاج عند ذلك بمدينة قرمونة؛ فقصد باب السدة، وعرض نفسه على أمير المؤمنين لمحاربة أهل إشبيلية. فأخرجه لذلك مع قاسم بن وليد الكلبي؛ وحاصراها شهورا. ثم خرج إليها الحاجب بدر بن أحمد؛ فدخلها يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولي من هذه السنة، وهدم