دعاهما، وأظهر لهما بشرا، حتى أتاهما من أخبرهما أن عبد الرحمن سمع كلامهما. فركبا جملين وهربا فبعث عبد الرحمن الخيل في طلبهما، وأدركا. فآمر بضرب أعناقهما. وكانت ابنة عمّهما عند إلياس، فقالت له (قتل أختانك وأنت صاحب حربه وصاحب سيفه! وجعل العهد من بعد عهده لحبيب ولده! فهذا تَهاون بك!) ولم تزل به حتى اجنمع رأي الياس وأخيه عبد الوارث على قتل أخيهما عبد الرحمن. وهاودهما على ذلك جماعة من أهل القيروان على ما يأتي ذكره.
وفي سنة ١٢٧ كان دخول عبد الرحمن بن حبيب هذا أفريقية ودعواه لنفسه، كما تقدم. وفيها كان انتزاء ثُوابة بن سلامة بالأندلس، وبويع بها. وكان قد هزم أبا الخطار سنة ١٢٥. وتم له الأمر في هذه السنة، لكن لا بعهد من بني أمية ولا من بني العباس، بل عنوة بالسيف. وأقام معه الصميل؛ فكان السلطان لثوابه للصميل.
وفي سنة ١٢٨، هلك أمير الأندلس ثوابه في شعبان، فكانت دولته نحو سنة، حسب ما أذكر ذلك في أخبار الأندلس، أن شاء الله. فبقيت الأندلس دون أمير أربعة أشهر. فأجتمع الناس على الصميل بن حاتم، فوقع نظره ونظرهم على تقدين يوسف بن عبد الرحمن الفهري.
وفي سنة ١٢٩، أستقل يوسف الفهري بولاية الأندلس فكانت ولايته إياها عشر سنين: فما من سنة من هذه السنيين ألا ويمكن أن يكون له فيها غزو، إذا قالوا إنه واصل الجهاد؛ وسيأتي ذكره وخبره في خبر الأندلس إن شاء الله.
وفيها كانت بالأندلس حروب ووقائع وغلاة في الشعر. وقيل أن ولاية يوسف كانت في صفر من هذه السنة، وإنهم كتبوا لعبد الرحمن بن حبيب عامل القيروان؛ فأنفذ إليه عهد بولاية الأندلس.
وفي سنة ١٣٠، كان استيلاء أبي مسلم على مرو، وتفريقه كلمة العرب