للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يا لبُّ اهج الوزير عبد الملك بن جهور!) فامتنع عليه؛ فقال لابن جهور: (فأهجج أنت، إذ أبى هو من هجوك) . فقال: (يا أمير المؤمنين، أتوقع عرضي منه، وأصون نفسي عنه!) فقال الناصر: (فأنا أهجوه.) فقال (سريع) :

لبٌّ أبو القاسم ذو لحية ... طويلةٍ في طُولها ميلُ

ثم قال لابن جهور: (لا بد لك من تذييل هذا البيت؛ فدع الاعتذار.) فقال:

وعَرْضها مِيلان إن كُسِّرتْ ... والعَقلُ مأفونٌ ومدخُولُ

لَو أنَّه أحتاج إلى غَسلِها ... لم يكفِهِ في غَسِلها السِّيلُ

فضحك الناصر، وقال للب: (إنه قد سبب لك القول؛ فقل!) فقال لبّ:

قَال أمين اللهِ في خَلقِهِ ... لي لِحيةٌ أزرَى بها الطُّولُ

وابنُ عُيير قال قَولَ الَّذي ... مأكُولُهُ القَرظيل والفُولُ

لولا حيائي من إمامِ الهُدَى ... نَخَشتُ بالمِنخَس (شُو قُولُ)

فلما بلغ لبُّ إلى قوله (شو) سكت؛ فقال له الناصر: (قول) . فأتم له على نحو ما أضمر؛ فقال له: (أنت هجوته، يا مولاي!) فضحك الناصر، وأمر له بصلة.

وكان الناصر قد خرج يوما على فرس أبلق في هيئة جليلة والوزراء قد حفوا به؛ فقال ابن عبد ربه في ذلك مرتجلا (سريع) :

بَدرٌ بَدَا مِن تَحتِهِ أبلَقُ ... يَحْسُدُ فِيهِ المَغْرِبَ المَشْرِقُ

لوْ يعلُمُ الأبلَقُ مَن فَوقَه ... لاختالَ من عُجبٍ به الأبَلَقُ

إمامُ عَدلٍ باسِطٌ كفَّهُ ... يَرزُقُ منها الله مَن يَرزُقُ

عَاَبه الدَّهرُ الذي قَد مَضَى ... وجَدَ واللهِ به المُخبلَقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>