ووجد بخط الخليفة المستنصر بالله: (ابتدى بنيان الجامع - صانه الله - يوم الأحد لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ٣٥١، وكمل سنة ٣٥٥. وبلغت النفقة فيه إلى مائتي ألف وأحد وستين ألفا وخمسمائة وسبعة وثلاثين دينارا ودرهم ونصف (وقع " ونصف " في الأصل المنقول منه هذا. وقال إنه نقله مندرسا، ثم إنه تعرف بعد ذلك صحته من الثقات أنه " ونصف " صحيح؛ وكذلك قال وقع بخط الحكم - رحمه الله -) .
وفي سنة ٣٥٧، في العشر الآخر من رمضان، احتل الوزيران القائدان غالب بن عبد الرحمن وسعيد بن الحكم الجعفري بجيوش الثغر بالصائفة على حصن قلهرة؛ فأقاما بساحته مدة استظهرا بها على تمكين بنيان الحزام فيه والزيادة في ارتفاع البرج الثامن بذروته فانتهيا من ذلك إلى الإدارة، وقفلا بالعسكر، وقد وثقا للحصن بالأمنة.
وفي سنة ٣٦٠، في محرم منها، قعد الخليفة المستنصر بالله على السرير بقصر قرطبة على جرى العادة من الاحتفال والزينة؛ فأوصل إلى نفسه عيسى بن محمد ومحمد بن العالي وحسن بن عليّ رُسُل بني محمد الحسنين أمراء الغرب؛ فأوصلوا كتاب مرسليهم، وذكروا ما هم عليه من الطاعة، وطلبوا بعثه رماة تقوية لهم لما يتوقعونه من حركة قائد معد الشيعي نحوهم؛ وتقربوا بإهداء خيل وجمال وغير ذلك؛ فقبلت منهم.
وفي صدر رمضان منها، وقع الإرجاف بتحرك المجوس الأردمانيين - لعنهم الله -، وظهورهم في البحر، ورومهم سواحل الأندلس الغربية على عادتهم؛ فأزعج السلطان قائد البحر بالخروج إلى المرية، والتأهب لركوب الأسطول منها إلى إشبيلية، وجمع الأساطيل كلها للركوب إلى ناحية الغرب.