وفي يوم الخميس منتصف صفر، ورد كتاب غالب على المستنصر، يذكر منصرفه عن بلد البصرة وأخذه رهنهم، ويذكر أنه قد صار إلى الطاعة جميع أهل الغرب وعامة قبائل البربر، ولم يبق فيه غير الخائن حسن بن قنون، وأنه قد صار من ضيق أمره في غمة. ووصل أهل البصرة إلى قرطبة الدافعين لأميرهم حسن، الداخلين في الطاعة.
وفيها، ورد الخبر السار على المستنصر بالله بإذعان الحسن بن قنون الحسني، ودخوله في طاعته؛ فشهد الخليفة صلاة الجمعة منسلخ جمادى الآخرة؛ فقعد بجامع قرطبة، وأعلم الوزراء بخضوع حسن بن قنون المنتزي عليه بالغرب، وأنه ورد عليه كتاب غالب بذلك، وأنه يوجه إليه ابنه عليّ بن حسن المذكور، وأن الخطبة قامت بدعوته في قلعة حجر النسر؛ فاستبشر الوزراء وعنؤه، وغبطوه وأعلنوا بالسكر لله تعالى والدعاء للخليفة، وأطالوا في ذلك.
وفي سنة ٣٦٤، قدم على المستنصر قائده غالب بن عبد الرحمن قافلا من عدوة الغرب، ومعه حسن بن قنون وسيعته بنو إدريس الحسنيون ملوك الغرب، المستنزلون من معاقلهم إلى الأندلس، حافين بشيخهم المشتهر بحنون، واسمه أحمد بن عيسى، صاحب مدينة الأقلام وما ولاها؛ ومعه اخوته وبنو عمه وبنوهم وأهلوهم؛ فأمر باحتمال هؤلاء الأشراف من المحلة، في ظلام ليلة الخميس لأربع خلون من المحرم، إلى الدور التي أخليت لهم بقرطبة؛ فأرسل القوم معهم ثقاتهم من فتيانهم ومواليهم، حتى أدتهم إلى الدور المعدة لهم، بعد أن فرشت مجالسها بشيء يطول ذكره.
وفيها، كان اعتلال الخليفة الحكم، في ربيع الأول؛ واحتجب عن جميع مملكته إلى أن تخلف وصبه، وظهر لخاصته يوم الجمعة لليلة بقيت من ربيع الآخر منها. وفي عقب ربيع المذكور، أعتق الحكم نحوا من مائة رقبة من عبيد، له