فيه لبعضهم تدبير، ولباقتهم عتق بتل ومؤجل، خلص به جميعهم من الرق؛ وعقدت بذلك وثائق. فكان أول من أوقع شهادته فيها أبو الوليد هشام بن الحكم، ثم الفقهاء أهل الشورى، ثم العدول.
وفيها، حبس الحكم حوانيت السراجين بقرطبة على المعلمين لأولاد الضعفاء.
وفيها، أسقط الحكم سدس جميع المغارم عن الرعايا بجميع كور الأندلس، شكرا لله على أنظاره له.
وفيها، كان جيشان العدو - خذله الله - ومنازلته بعض حصون المسلمين.
وفيها، كان الظفر بأبي الأحوص معن بن عبد العزيز النجيبي؛ فقبض عليه رشيق، وبعثه مكبولا إلى قرطبة مع عشرة من أصحابه؛ وكان يظاهر المشركين ويدلهم على عورات المسلمين؛ فأخذه الله.
وفي سنة ٣٦٥، خرج من قرطبة جعفر ويحيى، ابنا عليّ بن حمدون بن الأندلس، قائدين إلى الغرب من العدوة، وبين أيديهما الألوية والطبول مديلين للوزير يحيى بن محمد بن هاشم.
وفيها، كان الإعلان ببيعة أبي الوليد هشام بن الحكم، وأن تؤخذ له من الخاصة والعامة بقرطبة وسائر كور الأندلس، وما إلى طاعته من بلاد الغرب. وذكره في الخطبة على المنابر في الجمعة والأعياد، وذلك مستهل جمادى الآخرة: قعد أمير المؤمنين الحكم بقصره، وافتتح الكلام بما عزم عليه من تقليد ابنه عهده الخلافة من بعده؛ فالتزمت بيعته، وأخرجت نظائر من كتب البيعة ليوقع شهادته كل من التزمها؛ وتولي إعطاءها للناس على مراتبهم المنصور محمد بن أبي عامر، وهو يومئذ صاحب الشرطة والمواريث، وميسور الفتى الجعفري الكاتب.