قضاته: محمد بن السليم، ألقاه قاضيا لأبيه فأقره على ولايته؛ ثم أبو بكر ابن زرب؛ ثم محمد بن يحيى التميمي عرف بابن برطال، وغيرهم.
نقش خاتمه:(هشام بن الحكم، بالله يعتصم) . وتولي عقد الشهادة على الناس في البيعة بين يديه وكيله وصاحب شرطته الوسطى والسكة والمواريث أبو عامر محمد بن أبي عامر، بعدما كان قاضي الجماعة محمد بن إسحاق بن السليم يأخذها على من شهد المجلس من الأعمام وأبنائهم والوزراء وطبقات أهل الخدمة ورجالات قريش وأعلام أهل الحضرة.
فلما كان يوم السبت السادس من جلوس هشام، وهو العاشر لصفر سنة ٣٦٦، قلد الخليفة هشام حجابته وزير أبيه الأخص أبا الحسن جعفر بن عثمان المصحفي. وفي هذا اليوم، أنهض الخليفة هشام محمد بن أبي عامر إلى خطة الوزارة، نقله إليها عن شرطته الوسطى وأجراه رسيلا لحاجبه جعفر في تدبير دولته؛ فماده محمد شأوا، وجرى إلى غاية برز فيها دونه، سابقا في الحلية، وتخلف جعفر عن مداه.
ومن أخبار جعفر بن عثمان المصحفي: هو أبو الحسن جعفر بن عثمان بن نصر بن فوز بن عبد الله بن كسيلة القيسي. كان لطيف المنزلة من الحكم المستنصر بالله، قديم الصحبة، قريب الخاصة؛ وكان أول سبب ذلك تأديب والده عثمان بن نصر للحكم في صباه، واستخدمه في أيام والده الناصر، واستكتبه، ورقاه إلى خطة الشرطة الوسطى والنظر في عدة من الأعمال والكور. فلما أفضت الخلافة إلى الحكم، قلده، بعد ثلاثة أيام من خلافته، خطة الوزارة، وأمضاه على الكتابة الخاصة؛ ثم جمع له الكتابة العليا بالخاصة، وولي ابنيه الأعمال الكبار. وكان جعفر بن عثمان أحد شعراء الأندلس المحسنين، المتصرفين في أنواع الشعر من المديح والأوصاف والغزل، غاية في كل ذلك في الرقة والإبداع والحسن. وقد تقدم قوله مرتجلا:(هنيا للإمام والأنام) وقوله مرتجلا: (تطلع البدر من حجابه) وغير ذلك.