على كل روم، ويتلف من لا ينساق للخلافة وينقاد، ويختطف منهم كل كوكب وقاد، حتى استبد وانفرد، وأنس إليه من الطاعة ما نفر وشرد. وانتظمت له الأندلس بالعدوة، واجتمعت له اجتماع قريش في دار الندوة؛ ومع هذا، فلم يخلع اسم الحجابة، ولم يدع السمع لخليفته والإجابة، ظاهر يخالفه الباطن، واسم تنافره مواقع الحكم والمواطن. وأذل قبائل الأندلس بإجاوة البربر، وأخمل بهم أولائك الأعلام الأكابر؛ فإنه قاومهم بأضدادهم، واستكثر من أعدادهم، حتى تغلبوا على الجمهور، وسلبوا منهم الظهور، ووثبوا عليهم الوثوب المشهور، الذي أعاد أكثر الأندلس قفرا يبابا، وملأها وحشا وذئابا، وأعراها من الأمان، برهة من الزمان. وعلى هذه الهيئة، فهو وابنه المظفر كانا آخر سعد الأندلس، وحد السرور بها والتأنس. وغزواته فيها شائعة الإثر، رائعة كالسيف ذي الأثر، وحسبه وافر، ونسبه معافر. ولذا قال ينخر (طويل) :