يقال لأحدهما حباب وللأخر سجمان، فقال له ابنه حباب:(إنك دخلت في أمر عظيم وعرضت نفسك للهلاك، ولست من رجال هذا الأمر ولا ينفعك عدد ولا عدة! فراجع أمرك، واتق الله في نفسك!) فضربه مائتي سوط وتمادى على الخلاف. فأخرج إليه زيادة الله جيشا كثيفا حاصره أياما، ثم نزل هو وولداه على أمان، وجئ بهم إلي زيادة الله، فألفى على شراب مع قوم من وجوه أهل بيته، فأمر بحبسهم حتى يرى فيهم رأيه، ودخل إثر ذلك مضحك له يقال له أبو عمار فقال له زيادة الله:(ما يقول الناس يا أبا عمار؟) فقال (يقولون إنما منعك أن تقتل عمرو بن معاوية مخافة أن تشب القيسية على عمك بمصر) فوقع كلامه بقلب زيادة الله، ثم شرب ساعة والتفت غبلون وزيره، فقال (أنقل نرو بن معاوية وولديه من حبسك إلى حبسي!) ففعل فلما كان في نصف الليل أقبل زيادة الله إلى السجن وبيده السيف فقتل عمرو بن معاوية ثم رجع إلى قصره فعاد حباب وسجمان ابني عمرو. فأمر بحباب أن يقتل، فقال (أيها الأمير) إني مظلوم وقد بلغتك نصيحتي لأبي فيك حتى ضربني بالسياط. فقال أجل قد كان ذلك! ولكني أعلم أنك لا تخلص لي وأمر بضرب عنقه واستبقى الأصغر، وهو سجمان فلما أصبح دعا بترس، فوضع فيه الرأسين ودعا بسجمان، فقال (أتعرف هذين الرأسين) فقال: أعرفهما! ولا خير في الحياة بعدهما فأمر زيادة الله بضرب عنقه وجعل رؤوسهم في ترس وشرب عليها ذلك اليوم مع أهل منادمته.
وفي سنة ٢٠٩ ثار منصور الطنبذي بتونس فأخرج زيادة الله محمد ابن حمزة في ثلاثمائة فارس مسلحين وأوصاه بكتمان حركته حتى يبغت منصورا بتونس، فيقبض عليه ويأتي به مصفدا. فسار ابن حمزة إلى تونس، فألفى