للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منصورا غائبا في قصره بطنبذة. فنزل دار الصناعة ووجه إليه شجرة بن عيسى القاضي في أربعين شيخا من أشياخ تونس يناشده الله ويرغبه في الطاعة ويعرفه بما له في ذب لك من الحظ من دينه ودنياه فتوجه شجرة بن عيسى مع المشايخ إلى منصور فدعوه إلى الطاعة فقال منصور (ما خاعت يدا ولا أحدثت حدثا! وأنا سائر معكم إلى زيادة اله، ولك أقيموا علي ّ يومي هذا حتى أعد لكم ما يصلحكم، فأقاموا معه، ووجه إلى ابن حمزة والذين معه ببقر وغنم وعلف وأحمال قهوة وكتب إليه (إني قادم عليك بالغداة. القاضي شجرة) فركن ابن حمزة لقوله وذبح البقر والغنم وأكل هو والناس الذين معه وشربوا. قلما أمسى منصور، أخذ القاضي والذين معه فحبسهم في قصره وأخذ دوابهم فجعل عليها أصحابه، وجمع خيله وأشياعه، وزحف إلى تونس، وأمر أصحابه ألا يسمع لهم حسٌ ولا حركة حتى يصيروا إلى دار الصّناعة. وسار حتى إذا كان بالقرب من دار الصّناعة، أمر بالطبول، فضربت وأمر أصحابه فكبروا، فوثب ابن حمزة ومن كان معه، والتحم القتال على الليل. وكثر الناس عليهم، فقتل من كان مع ابن حمزة، ولم يسلم منهم إلا سبح البحر، وذلك يم الاثنين لخمس بقين من صفر.

وأصبح منصور، فاجتمع إليه الجند وقالوا (نحن لا نثق بك، نأمن أن يستنزلك السلطان بدنياه وماله فتميل له ولكن إن أحب أن نقوم بنصرك، فأخضب يدك في دماء أصحاب السلطان وأهل بيته! فوجه حينئذ عن عامل زيادة الله على تونس، وهو إسماعيل بن سالم بن سفيان وعن ولده محمد فأمر بقتلهما معا.

فلما اتصل الخبر بزيادة الله، وما كان من قتل رجاله وعامله عقد لغلبون وزيره على عسكر جليل وقال: (والله! لئن انهزم واحد منكم، لأجعل عقوبته ما فرّ وهو السيف) فسار غلبون في العاشر لربيع الأول. حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>